مصر.. بين السيئ والأسوأ

ما يحدث في مصر اليوم مهم لأنه يؤشر إلى ما سيحدث غداً في طول الوطن العربي وعرضه ، وما يحدث هناك لا يبشر بالخير ، وبعد 15 شهراً من الثورة ما زالت مصر عند نقطة الصفر ، وإذا كانت هناك خطوات محدودة فهي إلى الوراء.
المصريون لا يبكون على نظام مبارك ، ولكنهم لا يهللون لنظام جديد يعاني من عسر الولادة. ومن يشهد برج بابل في ميدان التحرير اليوم يظن أن مصر ما زالت في الأيام الأولى للثورة التي تختلف عن الثورات المعروفة في التاريخ بكونها بدون تنظيم وبدون برنامج وبدون قيادة.
الانتخابات الرئاسية الاخيرة التي جرت في 23 أيار الماضي ، أسفرت عن نتائج مفاجئة فقد كانت استطلاعات الرأي ترشح الإسلامي المعتدل أبو الفتوح والقومي العلماني عمرو موسى ، لكن الاثنين سقطا ، وجاء في المقدمة الشيخ محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين والفريق أحمد شفيق المنحدر من النظام السابق.
كل واحد من المرشحين الفائزين حصل على أقل من ربع الأصوات ، ذلك أن أكثر من نصف الأصوات توزعت على عدد كبير من المرشحين الليبراليين واليساريين والناصريين مما أدى إلى تشتيت أصواتهم وسقوط مرشحيهم.
هناك اجتهادات مختلفة في تقييم المرشحيـَن اللذين تأهلا لانتخابات الإعادة ، ويدور أكثر هذه التقييمات حول من هو الأسوأ بينهما. يقول أحد الظرفاء أن الشعب المصري سيختار بين الرجوع عدة عقود إلى الوراء (في حالة فوز شفيق) أو الرجوع عدة قرون إلى الخلف ( في حالة فوز مرسي).
إذا فاز شفيق فسوف يحظى بدعم القوات المسلحة وهو أحد أبنائها ، ولكنه سيصطدم بمجلس الشعب الذي يحتل الإسلاميون ثلاثة أرباع مقاعده ، والنتيجة شلل الحكم وعدم إنجاز شيء.
وإذا فاز مرسي فسيكون الإخوان قد احتكروا جميع السلطات واقصوا الآخرين. الليبراليون واليساريون هم الذين أشعلوا الثورة ، فكانوا وقودها، وسيكونون في مقدمة ضحاياها ، فلم يكونوا جاهزين لأكثر من مرحلة الرفض ، فجاء الإخوان وحصدوا النتائج.
سمعنا على الفضائيات من يقول إنه أصيب بالقرف ولن يشارك في انتخابات الإعادة ، وسمعنا من يقول إذا تنافس مرسي والشيطان فسأختار الشيطان ، وسمعنا من يدافع عن شفيق بحجة أن خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام.(الرأي)