في أعيادنا الوطنية والقومية!

يتذكر تلاميذ غسان التويني مقولته في أحد اجتماعات التحرير: عليكم ان تفهموا ان رئيس التحرير لا يملك صندوق اوسمة!!. فالابداع اليومي في صحيفة يومية لا يحتاج الى هذه الاوسمة!!.
الملك عبدالله المؤسس، لم يعد «مجلس المستشارين» بشيء في البدايات العظيمة لنشوء الدولة الأردنية ومن خمسة مشاورين وزراء سقط اثنان: الريس رشيد طليع شهيد الاستقلال اللبناني الاول، واحمد مريود شهيد الثورة السورية ورفيق سلطان الاطرش.. تماما مثلما سقط هزاع، ووصفي وابراهيم هاشم!!.
كان الملك المؤسس لا يحب الكلمة التركية: عفارم!!. ومرة غضب على أحد رؤساء الوزارات لان حاجبا في القصر وقف في طريقه:.. لان سيدنا غير جاهز لاستقباله. وقدم استقالته فقبلها دون تردد.. وقال رحمه الله في تعليق بسيط: اذا كانت رئاسة الحكومة بمثل هذا الحجم، فدولته يستطيع ان يستقيل!!.
وفي غمرة اعياد بلدنا القومية والوطنية، نحب ان نذكر الذين يتنافخون شرفا في شوارع الحكم، او في شوارع التظاهر والاعتصام، بان هذا الاردن اكبر من رضاهم وغضبهم وانه لا يملك صناديق من الاوسمة ولا يستعمل كثيرا كلمة: عفارم.
نستعرض ثورة العرب في مطلع هذا القرن ونتمثلها في حياتنا اليومية ترى كم سنة ضوئية نبتعد عن قدسيتها وصفائها وهمة قائدها ونحن نتابع ما يجري في الوطن من تذابح وتفتيت وتعصب اعمى.
نستعرض عيد الجيش فهذه المؤسسة التي لم تخرج من معسكرات الاعداد والحشد الا الى معارك الامة، هذه المؤسسة حفظت لنا استقرار الوطن وامنه، واستمراريته، ولم تقع في فخاخ الاستعمار الجديد بالانقلاب على النظام السياسي، واستعباد الشعب باسم التحرر والوحدة والكرامة، وحين قاتل الجيش معاركه، كما خطط واعد لها، لم ينهزم ولم يتراجع في اية معركة من معاركه الوطنية والقومية، لا على ارض فلسطين ولا على ارض سوريا ولا على ارض العراق.
وفي عيد جلوس القائد نشعر ان الكلمات لا تفي هذا الشجاع الذكي العظيم الاخلاص حقه.. لانه معنا، ومن حولنا يمسك بالدفة في هذه الفوضى التي تعم الوطن العربي بكل جدارة واحترام فالربيع هو ربيع الاردن, اذ يحدث التغيير دون نقطة دم, دون زنازين تطبق على آلاف الناس, دون أحقاد. فالثورات ليست انتاج الشوارع والميادين والساحات, وانما هي فعل التغيير الذي يحكمه العقل والخلق.
في هذا الخضم يرتفع رأس عبدالله الثاني عالياً وسط الحشود. لأن البناء لا يستلزم هدم كل شيء. ولأن العمل لا يحتاج الى الصراخ وافتعال الغضب. ولأن مستقبل الشعوب لا تحدده الشعارات. فهذا الاردن الكبير لم تصنعه يد الصدفة. وانما صنعه العمل الجاد الصامت طيلة القرن المنصرم.
في اعيادنا القومية والوطنية نردد فعل الايمان بالاردن اولاً. ونتمثل العرب في ثورتهم الاولى ثورة التحرر الحقيقي والوحدة. واذا وقعت الثورة بين مخالب وانياب قوى الاستعمار فذلك لا يقلل من صدقها, وعمقها في النفوس والضمائر! ( الرأي )