هل نشهد ردة في حقوق المرأة بصعود الإسلاميين

كشفت وثيقة صادرة عن المؤتمر العاشر لمنتدى الأسرة والمرأة الإسلامي المنعقد في الرابع والعشرين من اذار الماضي في تركيا عن رؤية اخوانية جديدة تجاه قضايا المرأة واعادة تعريف الحقوق المدنية الثابتة للقطاع النسائي في البلدان العربية والاسلامية واعاة التعريف هذه تتصل في رفض الفهم العالمي المتعارف عليه تجاه حقوق المرأة واستبداله بحقوق مرأة من وجهة نظر محافظة تعيد صياغة جملة التشريعات التي تحققت من خلالها مكتسبات بما يفضي الى انتاج اجندة نسائية اسلامية.
الاجندة النسوية هذه تقاطع الفهم العالمي للمرأة وحقوقها وانتاج اجندة نسوية من وجهة نظر حزبية يجري تعميمها في الاقطار الاسلامية والاشتباك من خلالها مع حكومات ومؤسسات المجتمع المدني في الولايات المتحدة واوروبا بحجة رفض الاضطهاد الذي يمارس تجاه المرأة المسلمة. خصوصا قضية منع الحجاب في فرنسا.
لسنا بصدد الدفاع عن القيم الغربية لا بمقدار ما تعتبر فيه قيما انسانية كالحق في الحياة والمساواة والتكافؤ ورفض كافة اشكال التمييز ضدها ومع ادانتنا للموقف المتناقض للغرب تجاه المرأة الفلسطينية والافغانية والعراقية الا اننا لا نملك ترف نعت كل المنتج الغربي بوصفه مناقضا للقيم العربية والاسلامية الا بمقدار تخلف هذه القيم عن مواكبة روح العصر ومن هذا المنطلق لا نرى أن الحملات التي قد تنشأ عن مؤتمر اذار النسوي الاسلامي تتصف بدفاع اصيل عن القيم الحضارية للاسلام بقدر دفاعها عن فهم لفصيل محدد للاسلام وهو تيار الاخوان المسلمين الذي يرى في التناقض مع القيم الغربية مبررا للابقاء على اعتباره مناهضا للثقافة الغربية.
ولعل أخطر ما ورد في الاجتماع هو إغلاق عضوية المنتدى عن المنظمات الخارجية (التي لا ترتبط بالإخوان) وأن تكون منظماته معروفة وهي التي رسمتها (أفرع جماعة الإخوان في التنظيم الدولي) والطلب من كل المنظمات الإخوانية في الأقطار التسجيل في المنتدى .
خطورة تحول المنتدى الى منبر وحيد للدفاع «عن قراءة مبتسرة»للحقوق النسوية من وجهة نظر اسلامية من شانه ان يجعل الفهم الاخواني لحقوق المراة هو الفهم الوحيد المتداول خصوصا وهو صادر عن منتدى يبدو للراي العام مؤسسة مجتمع مدني وهو في الواقع ذراع سياسي للتنظيم الدولي للاخوان.
الإخوان المسلمون حرصوا على احاطة هذا التنظيم بسرية مطلقة , واستخدام النساء في الأنشطة التنظيمية تحت غطاء المنتدى , علماً بأن المنتدى يعكف حالياً - كما اسلفت - لحملات تهاجم المنظمات النسائية في الغرب وتنظيم مظاهرات وحملات ضد القوانين الغربية وخاصة الفرنسية التي تمنع الحجاب , ومن ثم سيتم البدء بخطة طويلة الأمد لاستغلال الأخوات في الحراك الشعبي بوصف هذه الرؤية هي الممثل الشرعي والوحيد للمراة العربية سواء في الاردن او مصر او سوريا او غيرها من البلدان العربية.
سيتعرض القطاع النسائي لضربة قاصمة فيما لو تم تسويق رؤية منتدى تركية باعتباره المنتج لفلسفة حقوق المراة من وجهة نظر اسلامية وسيكون لزاما على النساء المشتغلات في الحياة المدنية النضال باتجاهين الاول الاستمرار في النضال لتحقيق المزيد من المكتسبات للمراة والخط الثاني الاشتباك مع الرؤية الاخوانية للمرأة وحقوقها باعتبارها تمثل ردة عن ما تم تحقيقه للقطاع النسائي على مدى عقود من النضال.
أما المشاركات من جنسيات عربية اخرى فهن (عائشة دحمان بلحجار /الجزائر ورئيسة المنتدى , رواء العبادي /ايرلندا , الأمين العام للمنتدى , حساني دليلة هالة / الجزائر حسني محمود /غانا وعضو مجلس إدارة المنتدى , سراج اللبودي/مصري , عبد المنعم البربري/مصري , كاميليا حلمي محمد , ايمان بكير /مصرية , اسماء الروبي /مصرية , سميرة لبقطمة /لبنانية , انتصار الترك /لبنانية , مريم هارون مصطفى /سودانية , ثناء الطيب /السودان , امة السلام احمد /اليمن , نجاة عبد الرحمن احمد قاسم /اليمن , مزنة داود /ماليزيا , رشيدة النفري /المانيا , منية براهيم /تونس , بتول محمد حميد /العراق , ليلى جاسم /العراق , بيخال أبو بكر /كردستان , روناك مصطفى /كردستان , أميرة النفيسة /اندونيسيا , ايكو يولنارتي /اندونيسيا , سعاد جبارة /البحرين , ثربا المدني / البحرين , ماجدة الفلاح /ليبيا , نجاة مصطفى العتنين /ليبيا , غيثاء علبي /سوريا , المفيدة سيدي مختار /موريتانيا , اسيا نافع /موريتانيا ,سندس احمد /أمريكا).
هذه الاسماء ستظهر تباعا في المقبل من الايام كمدافعات عن حقوق المراة المسلمة وهن في المحصلة مدافعات عن رؤية حزبية مغلقة لحقوق المرأة العربية وخطورة الامر انه ينسف ما تحقق من حقوق باعتبار ان هذه الحقوق المتحصلة ليست الا تعبير عن فهم غربي لحقوق المراة وبالتالي لا بد من هدمه وبناء منظومة حقوقية جديدة متصلة بالمراة وهذا يبدو قابلاً للتحقق في ظل سيطرة اخوانية على برلمانات تونس ومصر ولاحقا اليمن والاردن وسورية فاعادة صياغة التشريعات بما يتوافق والرؤية الاخوانية لحقوق المرأة سيجري تعميمها عبر السيطرة على المجالس التشريعية والبدء في تغيير التشريعات تبعا لرؤية حزبية منغلقة قد تهدم ما تم اعماره على مدى عقود.
فهل يتنبه القطاع النسائي المدني لخطورة منتدى الأسرة والمرأة المسلمة وما اذا سيطر التنظيم الدولي للاخوان عليه؟؟ ( الرأي )