هـجــاء الإخــوان!!
هجاء الإخوان لم يعد موسميا كما كان في السابق (لا مشكلة في النقد الموضوعي لأدائهم السياسي من قبل أي أحد)، إذ يتعرضون له تباعا منذ انطلاق الربيع العربي وشموله بهذا القدر أو ذاك للساحة المحلية، لكن الفزعات الكبيرة لا تزال موسمية، أعني تلك التي يشترك فيها قطاع كبير من الناس ووسائل الإعلام، والتي يكون لها سبب محدد، مثل مسيرة مخيم الحسين في المرة الأخيرة، مع أن الأمر لم يكن مختلفا حين تظاهر الإخوان في المفرق، وأحيانا وسط العاصمة.
للمعنيين بهذا الملف يشاؤون، وهم في واقع الحال يقدمون في كثير من الأحيان خدمات جليلة للإخوان، وإن تمكنوا من إقناع القلة بما يذهبون إليه، وهي قلة لها على الأرجح موقفها المتردد من الجماعة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، هل إن هذه الفزعات ستكون بديلا عن الإصلاح، أم أن المطلوب منها هو بث الرعب في أوصال الإخوان لكي يكفوا عن المطالبة بالإصلاح، على اعتبار أن سكوتهم سيكون كفيلا بإسكات الآخرين كما يرى كثيرون؟!
من الواضح أن هناك شعورا بالقوة يتملك البعض سببه الأساس التعثر الذي يصيب الوضع العربي في الدول التي شهدت ثورات، إضافة إلى ما يجري في سوريا، فضلا عن ضوء أخضر أمريكي غربي بتسليك الأمر بأي طريقة بدل التورط في بديل لا ينسجم مع المصالح الغربية كما وقع في دول أخرى. أما الأهم فيتمثل في الشعور بأن الحراك الشعبي قد أخذ في التراجع كما وزخما.
على أن كل ذلك لا يشكل وصفة للركون للحال القائم، فالوضع العربي يمكن أن يتعافى، وبشار الأسد يترنح، فيما يمكن للشارع أن يستعيد زخم حراكه بعد وقت لن يطول، لاسيما أن وصفات علاج الموازنة ستواصل الضرب على رأسه طوال الوقت.
مؤسف هذا الذي جرى ويجري، لا أعني الهجمة الإعلامية على الإخوان التي بدأنا هذه السطور بالحديث عنها، بل أعني الموقف المناهض للإصلاح السياسي من قبل البعض، مع أنه وصفة أمان واستقرار وتعاون بين قوى البلاد على حمل العبء الثقيل على مختلف الأصعدة. وفي العموم فإن الانتصار على إرادة الناس في معركة الإصلاح ليس انتصارا بحال، فكيف إذا كان محض ترحيل للأزمة بصرف النظر عن المدى الزمني؛ هذا إذا صحَّ أن الحراك سيتوقف، وقبله وبعده مسيرة الربيع العربي برمته. ( الدستور )
