أين إنسانيتنا وشرفنا الأخلاقي ؟

تم نشره الخميس 14 حزيران / يونيو 2012 10:09 صباحاً
أين إنسانيتنا وشرفنا الأخلاقي ؟
لميس اندوني
لم نفق من صدمة نتائج التحقيق حول مراكز العناية بالمعوقين حتى جابهتنا قضية لا تقل عنها بشاعة، تكشف كالأولى قسوتنا، وأحياناً وحشيتنا في التعامل مع المستضعفين في ما بيننا.
لم ينتظر الأيتام تحقيقا صحافياً استقصائياً يعرض قضيتهم، بل بادروا بأنفسهم وأعلنوا على الملأ مطالبهم التي تدين زيف تمسكنا العلني بالأخلاق والدين، بينما نغض النظر عن إهمال واضطهاد الحلقات الأضعف بيننا.
عقد الأيتام مؤتمراً صحافياً، ولم يحاولوا استدرار العطف والشفقة، بل طالبوا بحقوقهم الإنسانية والمدنية بكل كرامة الإنسان الذي يعي حقوقه، ويعي أن الظلم الواقع عليه ليس من صنعه، بل من صنع مجتمع ارتضى التمييز ضد من هم أولى برحمته- لا أقول بشفقته لأننا نحن ، على الأقل في أغلبنا ،وأنا الأولى بيننا، متهمون في تقصيرنا والدوس على إنسانيتنا قبل إنسانيتهم.
هناك قصص غبن كثيرة، عن استهتارنا بحياة الأيتام،لكن هزني أن هناك تمييزاً رسمياً ضدهم، يحظى بشرعية ما لا أفهمها، تتمثل بإعطائهم رقما وطنيا يبدأ بـ 2000، تستطيع الدولة من خلاله وضعه في خانة اليتيم ، كأنها وصمة عار تطارده طوال حياته.
أي أن اليتيم مدان حتى قبل أن يقوم بأي عمل جيداً كان أم سيئاً، أو بمجرد ولادته في حال كان لقيطاً . أي أن هؤلاء عليهم أن يدفعوا ثمن ما يعتبرها المجتمع، المعتز بشرف وهمي، أخطاء وخطايا آبائهم وأمهاتهم.
التمييز بالرقم الوطني، الذي لا يعطي اليتيم أي مميزات أو حتى حقوقا أساسية، كنا قد نعتبرها تقع تحت باب "التمييز الإيجابي"، يذكرني بالوصمة القرمزية التي كان يدمغ بها جبين المنبوذات في العصور المظلمة في أوروبا والساحرات في فترة من الفترات المشينة في تاريخ نشوء الولايات المتحدة . ففي أي عصر نعيش؟
للأسف لم أتواجد في المؤتمر الصحافي، لأنني لم أعرف عنه، وهذا تقصير مني، لكن أنا مدينة للزميلة أحكام الدجاني من" العرب اليوم" التي غطت وقائعه، مباشرة على صفحة الفيس بوك الخاصة بها، تطوعاً وخارج نطاق عملها في الصحيفة، فلفتت انتباه الكثيرين وأنا منهم، لقضية تستوجب منا التوقف عندها كثيراً، لأنها بمثابة المرآة التي تكشف بشاعة ما خلف تبرجنا بمقولات الخلق والأخلاق.
مثلاً، مما كشفته التغطية المباشرةـ والحية التي قامت بها أحكام، أن ناشطي الأيتام لجأوا إلى ملتقى ثقافي ، حجز لهم القاعة مشكوراً في المركز الثقافي الملكي كجزء من نشاطاته، لبث مواجعهم إعلان مطالبهم.
صرخة الأيتام لها وجهان، لنا جميعاً، ولوزارة التنمية الاجتماعية ، ضربة ثانية في الصميم؛ لأنه إذا كانت الوزارة مهملة في الرقابة الجدية على دور رعاية المعوقين، الآن نجدها مهملة في الاهتمام بالأيتام، فما داعي وجودها والأفضل حلها ، إذ إن الإساءات، وأحياناً جرائم، ترتكب بحق المعوقين، والأيتام، وهناك أيضا تقارير مماثلة عن العجزة، تجعلها بعلمها أو غير علمها، شريكة في اضطهاد من هم رسمياً وقانونياً تحت مظلتها.
لكن اتهام الوزارة بالتقصير- وهي متهمة، وننتظر منها إجابات- لا يعفينا من التهمة الأكبر والأخطر التي تتعلق بمنظومة قيمنا المشوهة التي تبيح الإساءة لمن نعتبرهم اقل ِشأناً منا وفي تكوينهم أو في ظروف مجيئهم إلى هذه الدنيا.
الفضائح التي ظهرت على السطح، وقد تكون هذه البداية فقط، أثبتت أن هناك خللاً تربوياً في تنشئتنا يسمح و يستسهل الاعتداء اللفظي، من سخرية وإهانة ، حتى الاعتداء الجسدي، بالضرب إن لم يكن بالاغتصاب، ضد المستضعفين جسديا أو ذهنيا أو اجتماعيا.
بكلمات أخرى، بعض منا يرى في الإعاقة الذهنية والعاهة الجسدية، مبرراً مشروعاً للإساءة إلى أصحابها، ويرى في الضعفاء ممن حرمهم المجتمع أو الظروف من الحماية الأسرية أو الاقتصادية أهدافاً مشروعة للإساءة والاضطهاد.
البعض سيجد في كلماتي قسوة وتعميماً، وأجيب من الآن، أننا جميعاً، كل في موقعه أو سلوكه اليومي يتحمل مسؤولية التغيير، فنحن نطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية لكننا أيضاً نحتاج إلى إصلاح النفوس والعقول،لأن هناك مفاهيم غير إنسانية تمكنت منا لا بد من مواجهتها ، لنستطيع النظر في عيني المعوق واليتيم وكل مستضعف بيننا لأن عيونهم تفضح خطايانا. ( العرب اليوم )


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات