نص القراءة القانونية لمشروع قانون الانتخاب

تم نشره الخميس 14 حزيران / يونيو 2012 11:40 صباحاً
نص القراءة القانونية لمشروع قانون الانتخاب

المدينة نيوز - قدم الدكتور راتب الجنيدي مداخلة قانوينة في الندوة التي عقدتها دائرة الاعلام في حزب الوحدة الشعبية ولأهمية ما تضمنتها المداخلة  .

 


نص المداخلة:
أتناول في هذا اللقاء وبإيجاز عدداً من المخالفات الدستورية في مشروع قانون الانتخاب لسنة ( 2012 ) خاصة تلك التي تتعلق بالمواد الناظمة للمحاور الرئيسية في قانون الانتخاب والتي تتكون من نظام الانتخاب – تقسيم الدوائر الانتخابية – وتوزيع المقاعد النيابية – الإدارة والإشراف على الانتخابات – توزيع المقاعد النيابية على أساس من الدين أو العرق أو الجنس كما أتناول العقبات التي تضعها الحكومات المتعاقبة التي  حالت وتحول دون إنجاز أي اصلاحات أو تحسينات حقيقية في قانون الانتخاب المنتظر.
مخالفة اسلوب ( نظام ) الانتخاب في المشروع لأحكام الدستور والمعايير الدولية للانتخابات البرلمانية . وتوضيحاً لذلك :
- اعتمد قانون الانتخاب رقم 22 لسنة 1986 نظام الانتخاب بالأغلبية وذلك تطبيقا لأحكام المواد :- 46، 52،57 حيث كان الناخب يختار عدد من المرشحين بمقدار عدد المقاعد المخصصة لدائرته الانتخابية إلى أن صدر القانون المؤقت رقم 15 لسنة 1993 قانون معدل لقانون الانتخاب لمجلس النواب حيث تم بموجب هذا القانون إلغاء المادتين  (46/ب ، 52 ) من القانون الأصلي ونصت المادة (3) من هذا القانون على أن :-
" إذا اشتملت ورقة الاقتراع على أكثر من اسم من أسماء المرشحين يعتمد الاسم الأول فقط وتحذف بقية الأسماء"
- وقد استمر هذا النص نافذا في قانون الانتخاب لمجلس النواب لسنة 2010 إذ نصت المادة (39/ب/5) على أن :-
" تعتبر ورقة الاقتراع باطلة في أي من الحالات التالية :- 5- إذا اشتملت على أكثر من مرشح "

وبالرجوع الى مشروع قانون الحكومة بهذا الخصوص يتبين انه ياخذ بنظام مختلط ويتلخص هذا النظام بأنه خصص 15 مقعداً نيابيا للدائرة الانتخابية العامة تشمل جميع مناطق المملكة وخصص باقي المقاعد النيابية للدوائر الانتخابية المحلية وفقا لما اتى على ذكره في المادة ( 8 ) الا ان هذا المشروع قد شوه نظام الانتخاب بالاغلبية وكذلك نظام التمثيل النسبي وذلك بتطبيق اسلوب التصويت المجزوء في كلا هذين النظامين،
فالمادة (39/د ) تنص على أن :
" يقوم المقترع بكتابة اسم مرشح واحد أو مرشحين اثنين أو التأشير على أي منهما أو كلاهما على ورقة الاقتراع المخصصة للدائرة الانتخابية المحلية وفق ما تحددة التعليمات التنفيذية .... الخ "
والمادة 17/ب تنص على أن:-
" يرفق بطلب الترشيح قائمة باسماء خمسة مرشحين يتبعهم أسماء ثلاثة مرشحين اضافيين على الأقل على أن يكونوا جميعهم من أعضاء الحزب لمدة لا تقل عن سنة قبل تاريخ الاقتراع .... الخ "
يستفاد مما تقدم أن المشروع قد حرم على الناخب اختيار مرشحين على مستوى الدائرة المحلية او على مستوى الدائرة العامة بقدر عدد المقاعد المخصصة للدائرة المحلية او بقدر عدد المقاعد النيابية المخصصة للدائرة العامة .
وبالرجوع الى ما انتهى اليه المجلس العالي لتفسير الدستور من حيث ان الانتخاب باسلوب القوائم بما فيها القائمة المغلقة يعتبر انتخابا مباشرا يتفق واحكام الفقرة ( أ) من المادة ( 67) من الدستور والى ما انتهى اليه ايضا من حيث ان القيد الذي اتى في المادة ( 16 / ب) من مشروع القانون والخاص باشتراط عضوية الحزب للترشح ضمن القائمة يتعارض مع حكم الدستور .
وإذا اضفنا إلى ذلك مخالفة اسلوب التصويت المجزوء للمبادى الديمقراطية وللمبادىء العامة في الدستور وإلى المعايير الدولية للإنتخابات البرلمانية فإن المواد التي تضمنت تجزئة حق الناخب في التصويت باختيار مرشحين أقل من عدد المقاعد النيابية المخصصة لدائرتهم الانتخابية تكون مشوبة بعيب مخالفة الدستور .
وحيث ان ما اتى به مشروع قانون الحكومة لا يحقق مقومات النظام المختلط كما انه لا يحقق مزايا نظام التمثيل النسبي ولا مزايا نظام التمثيل بالاغلبية بما تضمنه من قيود واشتراطات .
فان التطبيق الصحيح للمبادئ الديمقراطية و المادة (67) من الدستور يقتضي ان يتم اختيار نصف نواب المجلس بالانتخاب بالاغلبية والنصف الثاني من النواب يجري اختيارهم بالانتخاب بالقائمة بالتمثيل النسبي على اعتبار أن مشروع القانون ياخذ بتقسيم الدولة الى نوعين من الدوائر دوائر انتخابية محلية يتم فيها الاقتراع بالانتخاب بالاغلبية والدائرة العامة يتم فيها الانتخاب بالتمثيل النسبي .
مخالفة تنظيم مسائل وموضوعات تقسيم الدوائر الانتخابية وتوزيع المقاعد النيابية بموجب نظام لأحكام المادة ( 67) من الدستور . وتوضيحاً لذلك :
استند قانون الانتخاب رقم (22) لسنة 1986 لغايات تقسيم الدوائر الانتخابية وتوزيع المقاعد النيابية المخصصة لها إلى الجدول المرفق بهذا القانون إلى أن صدر القانون المؤقت رقم 23 لسنة 1989 بإلغاء هذا الجدول والاستعاضة عنه بالجدول المرفق بهذا القانون المؤقت حيث تم بموجبه تغيير جوهري في تقسيم الدوائر الانتخابية وفي توزيع المقاعد النيابية على هذه الدوائر .
وبالرجوع إلى قانون الانتخاب لمجلس النواب قانون مؤقت رقم 34 لسنة 2001 وبموجب أحكام المادتين 52 ،53 من هذا القانون تم تقسيم الدوائر الانتخابية وتحديد المقاعد النيابية المخصصة لكل منها بموجب نظام تقسيم الدوائر الانتخابية والمقاعد المخصصة لكل منها حيث تناول هذا النظام تعديلا جوهريا آخر على تقسيم الدوائر وكذلك على توزيع المقاعد النيابية . إلى أن صدر نظام الدوائر الانتخابية لسنة 2010 والذي ادى الى تقسيم المملكة إلى دوائر انتخابية ودوائر فرعية فيها وبتخصيص مقعد نيابي واحد لكل دائرة فرعية على النحو المبين في هذا النظام .
ومن الجدير بالبيان أن الحكومات دأبت ابتداء من انتخابات عام 1989 بتشويه تقسيم الدوائر الانتخابية وتوزيع المقاعد النيابية من خلال تفتيت الدوائر الانتخابية في بعض مناطق المملكة بحيث أصبح العديد منها يتشكل من أحياء (حارات ) ومن بلدات صغيرة جدا لا يتجاوز عدد السكان فيها 15 أو 20 ألف نسمة هذا من ناحية .
ومن ناحية أخرى فقد أدى تطبيق هذه الأنظمة المتعاقبة إلى انتهاك صارخ لأحكام الدستور والمعايير الدولية للانتخابات البرلمانية والتي تنص على ان يكون لكل مواطن حق التصويت في الانتخابات دون تمييز ولكل ناخب ان يمارس حقه في التصويت بصورة متكافئة مع الآخرين وان يحتسب لصوته نفس الوزن المقرر لأصوات الاخرين والتي لا أرى ضرورة لبيان تفاصيلها في هذ اللقاء فهي قد أصبحت معروفة للجميع .
وبالرجوع إلى مشروع قانون الحكومة بهذا الخصوص ابدي ما يلي :       
تنص المادة ( 8/أ ) على أن :
" تقسم المملكة بموجب نظام إلى عدد من الدوائر الانتخابية المحلية يخصص لها مائة وثمانية مقاعد نيابية، ويحدد النظام عدد المقاعد النيابية المخصصة لكل دائرة وتوزيع المقاعد فيها، على أن لا يزيد عدد المقاعد المخصصة للدائرة الواحدة على خمسة مقاعد"
وبتدقيق مضمون هذه المادة يلاحظ:-
1- إن هذه المادة خلت تماما من تحديد عدد الدوائر الانتخابيـة المحليــة كما أنهــا
    خلت تماما من بيان الاسس او المعايير التي ستعتمد بشأن تقسيم هذه الدوائر .
2- وان هذه المادة خلت من وضع اساس لتحديد عـدد النواب كما أنهــا خلــت من
    وضع أساس لتوزيع المقاعد النيابية .
في حين أن بعض دساتير دول العالم وقوانين الانتخاب تنص صراحة على ان يكون هناك علاقة تناسب بين عدد النواب وعدد الناخبين في كل دائرة كأن ينص مثلا على ان لا يتجاوز عدد النواب واحد لكل 30 الف او الف40 او 50الف مواطن كما تنص بعض الدساتير وقوانين الانتخاب ايضا على استثناء بعض الدوائر الانتخابية من هذه المعادلة وذلك بنصوص صريحة وواضحة مع تحديد واضح لهذه الدوائر
ولبيان أن المادة (8/ أ ) من مشروع القانون تخالف مخالفة مباشرة وصريحة للمبادئ الديمقراطية والدستورية  ولأحكام المادة (67) من الدستور وأن تنظيم مسائل وموضوعات تقسيم الدوائر الانتخابية وتوزيع المقاعد الانتخابية تصدر بقانون ولا تصدر بموجب نظام ، ابدي ما يلي :-
تنص المادة (67) على أن:-
"- يتألف مجلس النواب من أعضاء منتخبين انتخاباً عاماً سرياً ومباشراً وفقاً لقانون للانتخاب يكفل الأمور والمبادئ التالية:
أ. حق المرشحين في مراقبة الأعمال الانتخابية.
ب. عقاب العابثين بإرادة الناخبين.
ج. سلامة العملية الانتخابية في مراحلها كافة."
و بتطبيق أحكام هذه المادة يتبين ان تنظيم كافة مسائل الانتخاب يكون بقانون ، وبالتالي فإن السلطة التنفيذية ( الحكومة )  لا تستطيع أن تتدخل في مسائل الانتخاب وتنظيمها بموجب نظام يصدر عنها.
وقد يقال أن موضوعات تقسيم الدوائر الانتخابية وتوزيعها للمقاعد النيابية هي ليست من الموضوعات المحجوزة للقانون لأن المادة (67) من الدستور لم تنص على ذلك صراحة.
وبالرجوع إلى نص المادة (67) يلاحظ أن المشرع الدستوري بعد أن حدد كيفية تكوين مجلس النواب من أعضاء منتخبين نص على وجوب أن يراعي المشرع أحكام الفقرات (1 ، 2 ، 3) من نص المادة (67) ومن هذه الأحكام وجوب ان يكفل القانون سلامة العملية الانتخابية في مراحلها كافة .
وبالتدقيق في هذه العبارة فإن المقصود بها ليس سلامة العملية الانتخابية فحسب وإنما سلامة كافة مسائل الانتخاب .
 والسؤال، هل سلامة تقسيم الدوائر الانتخابية تدخل في عبارة سلامة العملية الانتخابية ؟ وهل سلامة وضمان توزيع المقاعد النيابية على الدوائر الانتخابية وفقاً للأحكام الدستورية تدخل ضمن سلامة العملية الانتخابية .
بالرجوع إلى  أقوال فقهاء القانون الدستوري في هذه المسألة يلاحظ أنه يجب لضمان سلامة تقسيم الدوائر الانتخابية أن ينص الدستور على وجوب تحديد الدوائر الانتخابية بقانون حتى لا يكون هناك مجــال لتحكم الإدارة وعلى هذا الاعتبار فقد نصت المادة ( 87 ) من الدستور المصري على أن :
 " يحدد القانون الدوائر الانتخابية التي تقسم إليها الدولة، وعدد أعضاء مجلس الشعب المنتخبين، على ألا يقل عن ثلاثمائة وخمسين عضوا، نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، ويكون انتخابهم عن طريق الانتخاب المباشر السري العام. .."
من ذلك يتضح أن مبدأ سلامة العملية الانتخابية المنصوص عليه في المادة (67) من الدستور يستتبع سلامة تقسيم الدوائر الانتخابية وإذا كانت سلامة تقسيم الدوائر الانتخابية هي من صلب سلامة الانتخاب فإن سلامة توزيع المقاعد النيابية هي أهم من ذلك لأن سلامة توزيع المقاعد النيابية هي من أهم وأخطر مسائل الانتخاب أيضا خاصة أن مسألة توزيع المقاعد النيابية تتعلق بالحقوق الدستورية للمواطن .
مما تقدم يتضح أن المادة (67) توجب أن يتم تقسيم الدوائر الانتخابية والمقاعد المخصصة لكل دائرة انتخابية بقانون وليس بنظام وأنه يمتنع على السلطة التنفيذية تنظيمها بنظام في جميع الأحوال وللتدليل على صحة ذلك أن قوانين الانتخاب في الأردن السابقة لصدور القانون المؤقت رقم 34 لسنة 2001 كانت تنظم كافة مسائل الانتخاب بقانون بما في ذلك تقسيم الدوائر وتوزيع المقاعد النيابية ، كما أن تشريعات دول العالم تنص على وجوب أن يتم تقسيم الدوائر الانتخابية وتوزيع المقاعد النيابية من خلال السلطة التشريعية لتعلقها بحقوق وحريات المواطنين الدستورية .
مخالفة تشكيل مجلس مفوضى الهيئة المستقلة للانتخابات من وزراء في حكومات سابقة وتعيين رؤساء ولجان الاقتراع والفرز وأعضاءها للدائرة الانتخابية المحلية من موظفى الحكومة والمؤسسات الرسمية والعامة لأحكام المادة ( 67/2) من الدستور . وتوضيحاً لذلك :
بالرجوع إلى قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم 22  لسنة 1986 يتبين أن العمليات الانتخابية في الدائرة الانتخابية كانت تتم تحت إشراف لجنة مركزية برئاسة الحاكم الإداري ومن هيئة اقتراع من موظفى الحكومة يعينها الحاكم الإداري على كل مركز اقتراع هذا بالإضافة إلى أن عملية فرز أصوات المقترعين كانت تتم بإشراف من اللجنة المركزية ومن لجان فرعية تعين من هذه اللجنة . ( رجاء الاطلاع على المواد 34 ، 38 ، 49 ) .
وبالرجوع إلى قانون (2001) يتبين أن المشرع قد أنشأ لجنة عليا للإشراف على الانتخابات برئاسة وزير الداخلية وعضوية أمين عام وزارة الداخلية ومدير عام دائرة الأحوال المدنية وقاضيا من الدرجة العليا يسميه المجلس القضائي ومدير المديرية المختصة في الوزارة .
وبالرجوع إلى قانون (2010) يتبين أن هذا القانون هو الآخر قد أتى على ذكر لجنة الإشراف على الانتخابات بذات التشكيل المنصوص عليه في قانون (2001) مع إضافة عضو آخر ( موظف من وزارة التنمية السياسية لا تقل درجته عن الأولى يسميه وزيرها ) .
كما نص هذا القانون على منح الوزير وبموجب قرار يصدر منه:-
- تشكيل لجنة مركزية برئاسة المحافظ في كل محافظة 
- تشكيل لجنــة الدائـرة الانتخابيـة وبتنسيب من المحافـظ في كل دائــرة انتخابيـة
  برئاسة حاكم إداري .
- تشكيل لجنة خاصة برئاسة حاكم إداري لمتابعة موضـوع المقاعـد النيابيـة الإضافية المخصصة لإشغالها من النساء الفائزات من المرشحات 
- كما نص القانون على صلاحية لجنة ( الدائرة الانتخابية ) تعيين لجان الاقتراع والفرز من موظفي الوزارات والدوائر الحكومية ... الخ .
وبالرجوع إلى قانون الهيئة المستقلة للانتخاب لسنة (2012) يلاحظ أن المادة         ( 4 / أ )  تنص على أن :-
أ- تشرف الهيئة على العملية الانتخابية النيابية وتديرها في كل مراحلها، كما تشرف على أي انتخابات أخرى يقررهـا مجلس الوزراء وفــق أحكام التشريعات النافذة.
وتنص المـادة ( 6 / أ ) على أن :-
أ- يكون للهيئة مجلس مفوضين مؤلف من رئيس وأربعة أعضاء يعينون بإرادة ملكية لمدة ست سنوات غير قابلة للتجديد.
- بتاريخ 6/5/2012 صدرت الإرادة الملكية بتعيين مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب بمقتضى المادة (6) من قانون الهيئة المستقلة للانتخاب رقم (11) لسنة (2012) ، من الذوات المذكورة أسماؤهم تاليا: 1- معالي السيد                  / رئيسا
 2- معالي السيد              / عضوا   3- معالي السيد               / عضوا
 4- معالي السيد              / عضوا   5- عطوفة السيد              / عضوا .
يتضح مما تقدم أن رئيس وأعضاء مجلس مفوضي الهيئة جميعهم وزراء في حكومات سابقة باستثناء عضوا واحدا بمعني أن إدارة الانتخاب والاشراف عليها بدلاً من أن تدار برئاسة  وزير الداخلية أو برئاسة الحاكم الإداري كما هو كائن في قوانين الانتخاب السابقة فقد أصبحت تدار من أربعة وزراء من حكومات سابقة هذا بالإضافة الى أن تشكيل المجلس قد خلا تماما من اي عنصر  ينتسب الى مؤسسات المجتمع المدني.
هذا عدا عن ان المقصود بالهيئة المستقلة المنصوص عليها في المادة (67/2) من الدستور ( وهي هيئة دستورية ) هو ابعاد رجال الحكم والأحزاب السياسية من لعب أي دور في  إدارة العملية الانتخابية والإشراف عليها   هذا من جهة
ومن جهة أخرى فقد أوجبت المادة (31/أ) من المشروع تعيين رؤساء الإقتراع والفرز وأعضاءها للدائرة الإنتخابية المحلية من موظفي الحكومة والمؤسسات الرسمية والعامة .
رابعاً :- مخالفة أحكام الفقرتين (2و3) من المادة (4) وأحكام الفقــرة (ب) مــن المادة
 (8) من مشروع القانون والمتعلقتين بتبنيي فكرة توزيع  المقاعد النيابية على اساس من الدين والعرق والجنس لأحكام  للمادتين (6) و (24) من الدستور  .
نصت المادة ( 4 / 2،3) على ان :-
2- اذا كان في المحافظة اكثر من دائــرة انتخابية محليــة وتم تخصيص مقعــد للشركس
 والشيشان أو مقعد للمسيحيين في دائرة انتخابية محلية او اكثر من دوائر تلك المحافظة، فيحق لاي ناخب شركسي او شيشاني او مسيحي إذا كان مقيما في دائرة انتخابية محلية لا يوجد فيها ذلك المقعد، الطلب خطيا من الدائرة تسجيل اسمه في الجدول الأولي الخاص باي دائرة انتخابية محلية مخصص لها ذلك المقعد ضمن المحافظة نفسها .
3- إذا لم يكن في المحافظة التي يقيم فيهـا الشركســي أو الشيشانـي أو المسيحـي دائـــرة
 انتخابية محلية مخصص لها مقعد للشركس والشيشان او للمسيحيين، فله حسب مقتضى الحال، الطلب خطيا من الدائرة تسجيل اسمه في الجدول الأولي الخاص باي دائرة انتخابية محلية في محافظة اخرى مخصص لها ذلك المقعد.
ونصت المادة ( 8 / ب) على ان :-
" يخصص للنساء خمسة عشر مقعدا نيابيا ويتم تحديد أسماء الفائزات بتلك المقاعد وفق احكام المادة (51) من هذا القانون " .
بتدقيق هذه المواد يلاحظ أن مشروع القانون يتبنى فكرة توزيع المقاعد النيابية استنادا إلى اعتبارات دينيه وعرقيه (مسلم ومسيحي - شركسي - شيشان ).
ولنا أن نتساءل هل يجوز تخصيص مقاعد نيابية في الدوائر الانتخابية المحلية استنادا الى الاعتبارات المبينة في المادة ( 4 / 2 ) وهل يجوز لمشروع القانون حرمان المرشحين من أبناء الشركس والشيشان والمسيحيين من الترشح في كافة الدوائر الانتخابية المحلية والعامة ايضا اسوة بباقي المواطنين رغم ان الترشيح حق يثبت للمواطن بصفته مواطنا ولا ينبغي ان يرتبط إطلاقا بدين أو عرق ولا يتعارض مع المبادىء الديمقراطية المنصوص عليها في المواد (6) ، (24) من الدستور فالمادة (6/1) من الدستور تنص على أن الأردنيين أمام القانون سواء ، وأنهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة دون تمييز بينهم في ذلك بسبب الدين أو اللغة أو العرق والمادة (6/2) تنص على مبدأ تكافؤ الفرص بين الأردنيين والمادة (24) تنـص على أن "الأمة هي مصدر السلطات "
 وبالرجوع إلى نص المادة (25) من الدستور الأساسي لشرق الأردن فقد كانت تنص على أن:
( تناط السلطة التشريعية بالمجلس التشريعي والأمير ويتألف المجلس التشريعي :
أ- ممثلين منتخبين طبقا لقانون الانتخاب الذي ينبغي أن يراعى فيه التمثيل العادل للأقليات ).
- وبالرجوع إلى نص المادة (33) من الدستور الأردني لعام 1946 فقد كانت تنص على أن :-
(تناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة والملك ويتألف مجلس الأمة من  مجلس الأعيان والنواب ويتألف مجلس النواب من ممثلين منتخبين طبقا لقـانون الانتخاب الذي ينبغي أن يراعى فيه التمثيل العادل للأقليات ).
- وتنص المادة (67) من الدستور الحالي  على أن :
  (يتألف مجلس النواب من أعضاء منتخبين انتخابا عاما سريا ومباشرا وفقا لقانون الانتخاب ) .

- المادة (129/1) من الدستور الحالي تنص على أن :-
( يلغى الدستور الأردني الصادر بتاريخ 7 كانون الأول سنة 1946 مع ما  طرأ عليه من تعديلات ).
يتضح إذن أن الدستور الحالي لا ينص على توزيع المقاعد النيابية على أساس من الدين أو العرق أو على أي أساس تمييزي آخر كما يتضح أن الدستور الحالي أيضا لم ينص على مراعاة مثل هذا   التمثيل الأقليات في قانون الانتخاب ولو أراد المشرع الدستوري وجوب مراعاة مثل هذا التمثيل  وتخصيص مقاعد نيابيه للشركس والشيشان والمسيحيين والمرأة  لكان قد نص على ذلك صراحة كما نص المشرع الدستوري في دستور عام 1946 حينما ألغى القانون الأساسي لشرق الأردن وحيث انه لم يفعل ذلك وطبقا لقواعد تفسير لقانون فان دستور 1952 يكون قد ألغى هذا التمثيل ا في قانون الانتخاب وبالتالي فان هذا التمثيل بموجب قانون الانتخاب المؤقت والنظام الصادر بمقتضاه يكون قد خالف أحكام الدستور المواد ( 67 ، 24 ، 6 ) من الدستور .
هذا بالاضافة الى ان تبني فكرة إقامة التمثيل النيابي على أساس ديني او طائفي او مذهبي يكون حافزا إلى أثارة الفتنه وإعلاء المصلحة الخاصة على المصلحة العامة كما ان ذلك  يتعارض مع حقيقة الديمقراطية .
نخلص مما تقدم إلى أن الدستور الحالي قد انسجم تماما مع حركة التطور الدستوري في العصر الحاضر ، فالعالم في هذا العصر لا يعرف فكرة تمثيل الأقليات في المجالس النيابية كون هذه الفكرة عتيقة تجعل النائب ممثلا للأقلية وحدها بما يتنافى مع الركن الأول من النظام النيابي في المملكة المنصوص عليه في المادة الأولى من الدستور وهو أن النائب يمثل الأمة بأسرها لا اقليه ولا دينا معينا .
ومما يؤكد مخالفة الفقرة (2) من المادة (4)  الصريحة للدستور هو ما تضمنته أحكام الفقرة (3) من ذات المادة التي تدعو الناخب من ابناء الشركس والشيشان والمسيحيين الى ممارسة حقه في الإنتخاب  في الدوائر التي يخصص لها مقاعد نيابية لها بما يؤذي الوحدة الوطنية ومما يقوي الانتماء الطائفي بدلا من الانتماء الى الدولة .

وفيما يتعلق بتخصيص مقاعد نيابية للنساء فإن ما يسري بالنسبة للشركس والشيشان والمسيحيين  من حيث مخالفة هذا التخصيص للدستور يسري أيضا بالنسبة للنساء وحيث أن المشرع قد سبق وأن خصص كوتة نسائية في القانون السابق فأرى أن يكون ما تم هو بمثابة تدبير إيجابي مؤقت لتفعيل المشاركة النسائية وبما ان هذا التدبير  قد انتهىفلا ضرورة لهذا التدبير مرة أخرى في قانون الإنتخاب المنتظر .
خامساً :- الحكومة تحول دون انجاز اي محاولة اصلاحية في قانون الانتخاب المرتجى
وذلك على النحو التالي :-
 باستعراض مواد مشروع الحكومة يتبين انها تهيمن وتسيطر بشكل مباشر على مسائل ووقائع الانتخاب كافة وأن المهمات التي عهد بها إلى الهيئة المستقلة ومجلسها قد تعلقت باجراءات تطبيق قانون الانتخاب هي مسائل شكلية لا تكفي لآداء مجلس مفوضى الهيئة ممارسة مهامه بصورة مستقلة وحيادية عن الحكومة وذلك :
1- إن مشروع القانون :-
منح الحكومة سلطة الاستئثار بتنظيم أخطر وأهم مسائل وموضوعات الانتخاب وأكثرها التصاقا بحقوق المواطن الدستورية بتقسيم المملكة الى عدد من الدوائر الانتخابية المحلية وفي تخصيص عدد المقاعد النيابية لكل دائرة من هذه الدوائر دون قيد او شرط (  م 8 ) من مشروع القانون .
 شوه نظام الانتخاب المختلط بوضع قيود واشتراطات على مبدأ الاغلبية والنسبية  وذلك بهدف الهيمنة والاقصاء والتهميش لقوى وشرائح اجتماعية من المجتمع الاردني .
 الزم الهيئة المستقلة للانتخاب بتعيين رؤسـاء لجان الاقتــراع والفــرز واعضائها  للدائرة الانتخابية المحلية من موظفي الحكومة والمؤسسات الرسمية والعامة والإسبعاد الكامل للسلطة القضائية والقضاة وهيئات المجتمع المدني من أي دور أو المشاركة في لجان الإنتخاب   
 منح الحكومة سلطة وصلاحية التدخل في تحديد شروط واجراءات الترشح للدائرة  الانتخابية العامة والاقتراع والفرز وتحديد اسماء الفائزين ( م 8/ج ) من مشروع القانون.
 اناط بدائرة الاحوال المدنية والجوازات ومديرياتها في المحافظات والمكاتب المرتبطة بها اعداد واصدار بطاقة الانتخاب للناخب لممارسة حق الانتخاب وكذلك اعداد الجداول الاولية للناخبين هذا بالاضافة الى اعطائها حق تسجيل من يرغب من ابناء الدوائر الانتخابية المحلية المقيمين خارجها من تسجيل اسمائهم في الجدول الاولي الخاص بابناء تلك الدوائر (م4) من مشروع القانون .
2- لأن الحكومة لازالت تغفــل وتهمــل استقبــال مقترحــات ومخرجــات النقاشــات
والحوارات الجدية والمعمقة التي تجريها هيئات المجتمع المدني والأحزاب السياسية بشأن تطوير وتحسين قانون الإنتخاب كما أنها لازالت تنفرد من خلال حلقة مقفلة في وضع قانون الإنتخاب بحيث تعتبر أي إثارة لأي إصلاحات أو تحسينات لهذا القانون غير مجدية خارج الحلقة التي تنفرد بوضع هذا القانون في حين أن وضع قانون إنتخاب لايراعي التقييم العلمي والموضوعي ولايراعي المقتضيات الدستورية والمعايير الدولية لايؤسس ولايصلح لأن يكون مدخلا للإصلاح السياسي وأي إصلاح آخر
وبهذ المناسبة أود أن أشير إلى ما يتردد بشأن صدور قانون إنتخاب  بالتوافق وأرجو أن أبدي أن معنى التوافق هو أن يؤسس قانون الإنتخاب على أرضية المبادئ الديمقراطية للإنتخاب وبما ينسجم مع المعايير الدولية للإنتخابات البرلمانية وشريطة أن لا ينتهي التوافق الى وضع أحكام أو سياسات تخالف المبادئ العامة في الدستور .



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات