فايز الطراونة.. أنت تلعب بالنار!

الشعب الأردني لم يكن مسؤولا في يوم من الأيام عن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي نعيشها الآن، وهذا يستلزم بالضرورة عدم إثقال كاهله بكل الخيارات الحمقاء التي تبدعها الحكومة.
دعونا نستذكر معا، لمَّا هبط علينا رجال الأعمال الشبان الطامحون إلى دور سياسي، خصوصا في عهد المملكة الرابعة، وقاموا منفردين بممارسة كذبة تحديث الاقتصاد والاندماج بالرأسماليات الغربية.
وحين تم الترويج لهم أنهم "رجال المرحلة" والفئة القادرة على التوسط بين المجتمع والاقتصاد الأردني وبين المراكز الرأسمالية.
وحين أطلق النظام حمى طموحاتهم، وتركهم مع الفاسدين من داخله يعقدون الصفقات ويبيعون الأصول المحلية، ويوجهون ضربة موجعة للاقتصاد، ويحدثون ما يمكن تسميته "الكارثة الاقتصادية" التي نعيش.
صحيح أن الشعب يتحمل مسئولية غيابه عن الصراخ والتأثير في حينه (لا يستطيع أحد ركوب ظهرك إلا إذا انحنيت) وصحيح أن النخب الوطنية استسلمت وتراجعت إلى جبهة خلفية غير مؤثرة.
لكن هذا لا يعطي حكومة فايز الطراونة مسوغ الذهاب مرة أخرى إلى كواهل الشعب، وتحمليها فاتورة ما ارتكبته الإدارة الأردنية من أخطاء في العقدين الماضيين.
رفع أسعار "بنزين اوكتان 90" في ظلمة الليل، ومع زقزقة الخفافيش، يعد لعباً بالنار! وتعدياً على سياق محلي إقليمي متوتر وقابل للانفجار في كل لحظة!
على ماذا يراهن الطراونة باصطدامه مع الحواف القاتلة في المجتمع ومع البواطن المرهقة فيه؟! لا ادري لعل التقارير التي تصل إليه -وأظنها كاذبة ومحض افتراء- تقول إن الأردنيين سيتحملون المزيد!
يقال من قبل بعض المغامرين في النظام إن العصبية المتماسكة في المجتمع ستؤمّن على الرغم من ضراوة الضغط الاقتصادي، صلابة سياسية وأمنية "لدولتها"؛ ما يوفر إطارا اجتماعيا مواتيا لضبط انفعالات الرفع في الأسعار.
هنا يمكن القول بأن حكومة فايز الطراونة تلعب بالنار، والمشكلة أنها لن تهتم بذلك؛ فهي حكومة مؤقتة جاءت في لحظات يقترب معها رحيل البرلمان، فالكل غير معني، والمواطن وحده الضحية!
للمرة المليون نقول إن المواطن يمكنه تحمل أعباء قرارات اقتصادية بشكل متسامح وصبور، ولكن بشروط أهمها: أن يكون هو من يصنع حكوماته، ويختار مقرري هكذا قرارات.
الناس تتكلم بألم وغضب واستياء عن قضية رفع أسعار "بنزين اوكتان 90"، أما ردود الأفعال فقد تفاجئنا بما لا نحب، ومن هنا يجب تدارك الجرس وتعليقه جيداً. ( السبيل )