.. الفرق هو حجم الفساد وحجم أجهزة القمع!

من العبث الآن استباق الأحداث التي تلي انتخابات الرئاسة في مصر. ليس لأنها لغز يصعب حلّه، وإنما لأنها تدعو لمزيد من الاحباط.. للمصريين كما للعرب الذين أملوا بربيع حقيقي يحمل اليهم التغيير والانبعاث في حياة جامدة اعتادوا عليها!!.
ومن العبث أيضاً، محاولة تحليل نتائج الثورة السورية وما على المهتم إلا ان يشهد نقاشاً بين أردنيين اثنين: واحد مع النظام «التقدمي الممانع»، وآخر مع تغيير لمصلحة الاخوان والحلف الأطلسي والإمبريالية. وهناك من لا يزال يعتقد ان الثورة غير حقيقية، وان فضائيات الجزيرة والعربية هي التي تصنعها، وما على الواحد منّا سوى قطع الحدود، والتجول في سوق الحميدية ليتعرف إلى صدق النظرية. وهناك من يعتقد أن النظام في دمشق يلفظ أنفاسه الأخيرة.. لولا تدخل روسيا وإيران وحزب الله اللبناني لمساندته ودعمه مالياً وعسكرياً وسياسياً!!.
- ماذا يجري في ليبيا؟!. ماذا يجري في تونس؟ ثم وهذا الأهم: ماذا يجري في العراق الذي ينام على متفجرات ويصحو على متفجرات، ويحمل أبناؤه جثث أحبائهم إلى مقابر لم تعد تتسع لمئات آلاف الذين سقطوا في الحروب وقضوا في الصراعات الداخلية التي اخذت دور العدو الخارجي.
يشعر الناس عندنا ان المعارضين اهل الاعتصام والتظاهرة لم يعودوا يهددون النظام «بثورات الربيع» فالخارج العربي ليس بهذه العظمة ليكون المادة – النموذج لما تريد المعارضة اقامته في الداخل الاردني. والكلمة التي يرددها الاردني البسيط في وجه كل هذا الضجيج في الشارع، اللهم ادم علينا نعمة الامن والاستقرار، فقد اكتشف الجميع وخاصة في مصر ان التغيير عبر ميدان التحرير لم يكن الثورة التي كان يحلم بها، وان الثوار ليسوا غير مجموعة شباب ينقصه النضج، وان حركتهم الشجاعة كانت معرضة لاختطاف قوى متمرسة، ذكية، عجوز تعرف كيف تتسلل الى الحكم، وتعرف كيف تمسك بالدفة.
في دمشق استهلك النظام نفسه وصار يعيش على شعارات لم تعد قادرة على الهاء الداخل عن الحرية، والكرامة، وحكم الشعب، فقد كان الحكماء يقولون ان الحكم المطلق هو فساد مطلق، والفساد أكل عاصمة الأمويين.. وكان الفساد مدعوماً بنظام بوليسي إرهابي لا شبيه له في هذا العالم لا في كوريا الشمالية، ولا في إيران!!.
والتشابه وارد مع أكثر الأنظمة العربية، مع التفاوت في حجم الفساد، وفي آلة القمع التي تحميه.. ولذلك فكل كيان عربي يجلس الآن على التل ويتابع بالمناظير ما يجري على التل الآخر!. ( الرأي )