كيف يخرج الانتخاب من مجلس النواب ؟!

الانظار معلقة هذه الايام على المناقشات الدائرة في مجلس النواب لمشروع قانون جديد للانتخاب طال انتظاره لاكثر من عشرين عاما، بعد ان ساد ما يسمى "قانون الصوت الواحد" خلال عقدين من الزمن وادى الى اختلالات جوهرية في طريقة اختيار ممثلي الشعب في البرلمان، وشابت العملية الانتخابية على مدار دورات المجلس النيابي منذ ذلك الحين وحتى الان شبهات تزوير لارادة الناخبين وصلت الى حد اعتراف بعض الحكومات التي جرت الانتخابات في عهدها بأن ذلك حدث فعلا.
كيف نخرج من ازمة انتخابية مزمنة افرزت مجالس نيابية متعاقبة اثر التعديلات التي جرت على قانون الانتخاب عام 1993م لم تحظ باجماع شعبي ولو حتى في حدوده الدنيا واسفرت عن تضييق دائرة الاختيار لتصب في صالح دوائر محدودة وتجمعات سكانية معدودة من خلال صوت واحد، مع تراجع في دور النيابة العامة لتكون محصورة في خدمة من منحوا اصواتهم لهذا النائب او ذاك، بعيدا عن المصلحة العامة وقضايا الشأن العام التي يفترض ان تكون لها اولوية على كل ما عداها من مصالح فردية اودت بالكثير من هيبة مجلس النواب والثقة فيه!
سؤال كبير يشغل الرأي العام حاليا في انتظار طبيعة الاجابة عليه مما يتم التوصل اليه خلال ايام من توافقات تحت القبة في ظل اعتراضات متواصلة على مشروع قانون الانتخاب الذي قدمته الحكومة السابقة وما توصلت اليه من مناقشات اللجنة القانونية النيابية، لان تجاوز توصيات لجنة الحوار الوطني في مفهوم غالبية القوى الشعبية والحزبية ساهم في اعادة عقارب الساعة الى الوراء مرة اخرى بعد انتاج ما هو مرفوض عموما، عوضا عن تهيئة المناخات المناسبة لاعادة بناء الثقة بين مكونات الدولة الاردنية من خلال تمثيل حقيقي للارادة الوطنية وتعميق المشاركة الشعبية في صنع القرار.
ربما يكون مجلس النواب في وضع لا يحسد عليه لانه في سباق محموم مع الزمن المتبقي من دورته وهو محكوم بالتعامل مع ما هو معروض عليه من صيغ قانونية وصلت اليه بعد مخاض عسير من المطبخ الحكومي الذي تقاذفته قوى الشد من شتى الاتجاهات، وما خرجت به لجنته القانونية التي استغرقت حوالي الشهرين من حوارات لم تستطع خلالها ردم الهوة الخلافية وانما خلصت الى تعديلات قد تعتبر طفيفة لا تمس صلب التغيير الذي يفضي الى واقع انتخابي مختلف في المفهوم العام، وهذا ما ادى الى تسارع وتيرة احتجاجات الحراك الشعبي الذي اصبح رفض مشروع قانون الانتخاب من مرتكزاته الرئيسية خلال الآونة الراهنة، مع التحذير من تبعاته وتزايد حملات المقاطعة للانتخابات المقبلة بموجبه ما لم تجر عليه تعديلات تقترب من التوافق العام اذا ما كان الاجماع مستحيلا!
قد يكون برنامج الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي الشامل الذي ينتهجه الاردن بالتزامن مع معطيات الربيع العربي، على محك القاعدة الانتخابية المقبلة في اختيار ممثلي الشعب ويتم على اساسها اجراء الانتخابات النيابية قبل نهاية العام الحالي بارادة ملكية، لتتويج سلسلة من الانجازات التشريعية التي تمثل محطة تحول كبرى في المسيرة الاردنية، وهذا ما يجعل مجلس النواب في امتحان غاية في الصعوبة يتطلب منه ان يغلب مسؤوليته الكبرى في حماية الوطن وتعميق تحولاته الديمقراطية على كل ما عداها من حسابات ضيقة تشد الاعصاب الى العودة لمجلس النواب القادم ! . ( العلرب اليوم )