مدرسة ومسجد

في حركة لافتة وغريبة من نوعها، نظم حراك شباب كفرنجة للإصلاح والتغيير حملةً كبرى لجمع تبرعات لترقيع شوارع بلدتهم الرئيسة، بعد أن فقدت ذاكرتها، ولونها، وطبيعتها، ولم يعد فيها سوى أربع حفر كبيرة ترافق عجلات السيارة، إينما سارت ودارت.
عقب كل صلاة، في أي مسجد في الأردن، ستجد لجنة أو أكثر تجمع الصدقات والترعات، لبناء مسجد في مكان، قد يكون خارج المحافظة، التي تصلي فيها. وهي لجان مصرح لها بالجمع، معها إشعارات رسمية، تدلل على ذلك، ودفاتر مقبوضات، وهذا مفرح ومبهج ويدغدغ القلب، ويبرهن أن الخير باق فينا، ما بقيت الدنيا. فجلُّ مساجدنا بنيت وتُبنى بهذه الطريقة الشعبية.
لا أدري أين وصل حراك كفرنجة، في عملية جمعه لتبرعات ترقيع، ما كانت تسمى شوارع. ولا أعلم مقدار ما جمعوا من مال؟!. ولكني أتوقع أن المبلغ نزير وقليل، لا يكاد يكفي لطمس حفرة واحدة. وهذا غير خارج عن دائرة التوقع.
فنحن لم نعتد أن نتبرع أو نجمع أموالاً لإقامة خدمة بلدية، بهذا الشاكلة. حتى ولو كلفنا وجودها خراب سياراتنا وضيقنا. ففي عرفنا أن هذه مهمة البلدية، حتى لو كانت غارقة في فسادها وعجزها ومديونيتها. ورغم أن أهالي كفرنجة، وهذا ينسحب على باقي مدننا وبلداتنا، قد بنووا خلال عقدين من الزمن، أكثر من عشرين مسجداً في بلدتهم، بطريقة جمع الصدقات. ولكننا لم نسمع عن عملية جمع لمبلغ يوصل طريقاً إلى حي بعيد؟!، أو لإقامة مظلة انتظار تقي الناس على الشارع العام؟!.
في عين البستان وحدها، وهي من ضواحي كفرنجة ستجد أكثر من خمسة مساجد، مجهزة كل التجهيز، من السجاد حتى المكيف، ولا تكاد تمتلئ إلا في صلاة الجمعة، وأوائل رمضان، في وقت يُحشر و(يُزرب) أولاد المدرسة الأساسية بغرف مستأجرة، كل خمسين طالباً بصف مساحته تقل عن عشرين متراً مربعاً. ومع هذا لم يهب الأهل لنباء مدرسة لأبنائهم. وهذا ينسحب أيضاً على كل مدننا وقرانا.
فهل يقل دور المدرسة عن دور المسجد؟!، إذا لماذا نفتقد روح المسؤولية الاجتماعية، ولا نجمع ما تيسر لنسهم في بناء مدرسة، أو حديقة للأطفال، أو مكتبة عامة، أو لنصلح شارعاً بلا ذاكرة. لماذا ما زلنا نرى أن الحكومة وحدها ملزمة بكل شيء، رغم أننا نستطيع أن نبني مدرسة، ونعدها كمسجد سادس أو سابع، في عين البستان، مثلاً. ( الدستور )