على هامش السياسة النقدية

يعمل البنك المركزي بصمت دون إحداث ضجة من التصريحات أو إنتاج أخبار يومية عن نشاطاته وقراراته ، وبشكل خاص عن تفاصيل السياسة النقديـة التي يمارسها ، الامر الذي يتيح لنا أن نتعامل مع الموضوع بقدر من الاجتهاد غير الملزم.
السياسة النقدية متحركة حسب الظروف والمعطيات ، ومن الطبيعي والحالة هذه أن تدور أهداف السياسة النقدية في الظروف الراهنة حول عدة محاور بعضها يحتمل وجهات نظر متعددة.
على سبيل المثال يدور جدل حول ما إذا كان على البنك المركزي أن يقود سياسة نقدية متشددة بقصد السيطرة على الطلب الكلي ، خاصة في ظل انفتاح السياسة المالية على المزيد من الإنفاق. وقد فهمنا من التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي أنه ينصح بسياسة نقدية متشددة ، ولكن ماذا عن تشجيع النمو الاقتصادي الذي قد يتطلب قدراً من التساهل والمزيد من التسهيلات ، وأين تقع نقطة التوازن بين هدفين متنافسين.
لعل في مقدمة الأهداف المستقرة للبنك المركزي المحافظة على سعر الصرف الثابت للدينار تجاه الدولار ، أولاً لأن هذا الوضع خدم الاقتصاد الاردني على مدى السنوات الماضية ، وثانياً لتعزيز الثقة بالعملة المحلية وتثبيط الدولرة وإقناع المدخر المحلي والمستثمر العربي بأن رأسماله في الأردن ُمصان.
ومن الأهداف المرحلية التي يضعها البنك المركزي نصب عينيه حماية الاحتياطي من العملات الأجنبية الذي يتعرض للضغط ، فهو يمثل بوليصة تأمين ضد الهزات.
ومن المهام التقليدية الثابتة للبنك المركزي ، كجزء من الحفاظ على استقرار القوة الشرائية للدينار ، العمل على احتواء الضغوط التضخمية. هذه المهمة ليست ملحة في الوقت الحاضر ، لأن معدل التضخم الراهن ليس مرتفعاً ، بل يميل إلى الانخفاض ، ولكن لا يخفى أن هناك قدراً من التضخم الحبيس الذي لم يعبـّر عن نفسه بسبب التثبيت الإداري المصطنع لأسعار المحروقات والماء والكهرباء والخبز والأعلاف.
تبقى المهمة الدائمة لأي بنك مركزي التأكد من قوة وسلامة الجهاز المصرفي. والمعروف أن البنوك الأردنية قوية ، ومرسملة بشكل مناسب ، وملتزمة بالشروط والمعايير المحلية والدولية.
على البنك المركزي أخيراً القيام بدور الخبير والمستشار الاقتصادي للحكومة بما في ذلك التحذير من المخاطر ، والتنبيه إلى الانحرافات ، والنصح بما يجب عمله.
• كتب هذا المقال قبل محاضرة المحافظ في جمعية البنوك. ( الرأي )