مسرح الكوميديا السوداء في مجلس النواب .

ترسيم الصوت الواحد بقانون دائم بعد أن كان مؤقتا، وبعد ما ناله من قدح وذم ورفض، يضع نظام الدولة أمام قيمة الهيبة المفترضة، وينبغي عدم المس بها تحت ضغط أي ظرف، أي كان محركه، ومهما بلغت قدرته على التحكم والإدارة، وذلك كون الأمر مسألة مصير، ومستقبل شعب ووطن وليس مصالح آنية.
وهي إذ تمس مجددا، فإن القول بانتقالية الدولة والشعب إلى مصير معد لهما يصبح وجيهاً، ولن يكون التوطين والوطن البديل أكثرهما سوءاً، ما دام أن المتحكم لديه ما هو أسوأ، ويصل درجة الإلغاء للصفة والمكون في آن معا.
لقد سقطت فجأة مشاريع الانتقال إلى مرحلة جديدة في مسيرة الدولة، ولم يعد مطروحا منها سوى استمرار نظام الحكم فقط، أما ما عداه فألغي تماما، ليستقر القديم على ما هو عليه إلى حين إنضاج وترسيم مستقبل نزج به رغما وعنوة، وهو لن يكون إذا ما اتيح له الإنفاذ سوى حلقة مضافة لما سبقها في استمرار التبعية، التي هي في واقع الأمر عبودية محسنة.
وعليه؛ تصبح القصة ليست الصوت الواحد وإنما البحث عن المحرك الذي يبقيه، والوقوف على المخطط الخفي، وما يرسم ويجري تمريره على غفوة من الجميع، وعبر شجارات يحيى السعود التي تستحوذ على الاهتمام منها.
في كل ما يجري دفع مقصود لعزل القوى الوطنية الإسلامية، والقومية التقدمية الديمقراطية، ومجمل قوى الإصلاح والتغيير نحو المقاطعة الانتخابية؛ كون الأمر مجربا، وعبره يتم تمرير ما يراد بعيدا عنهم وصوتهم فيه، وهذا ما جري طوال المقاطعة الماضية، التي أصبحت مطلبا وهدفا لفريق التحكم بمقاليد الأمور ما دام أنها منتجة له.
أمام اللعب المكشوف لقوى الشد العكسي التي تجهد للمحافظة على مصالحها واستحواذها وتحكمها وبقاء قوتها لم يعد الفعل الهادئ لمواجهتها مجديا؛ إذ أصبح شكلا سلبيا سيدفع استمراره إلى العجز الذي قد يتحول إلى مزمن. وعليه فإن التغيير يصبح مطلوبا في آليات وخطط قوى الإصلاح نفسها، وقد يكون إطلاق التحدي على أساس عدم مقاطعة الانتخابات وتجييش الشارع ليكون إلى جانبها الخيار الامثل، وحتى لا تمر لعبة الدفع للمقاطعة. ( السبيل )