والان الى أين؟

م تنتصر "حكمة الأعيان"، بل تعنت السلطة التي أدارت الظهر للتفاهم والتوافق، ولو على الحد الأدنى المشترك، وهو تجاوز الصوت الواحد إلى صوتين على الأقل في الدائرة أو المحافظة.
حاول بعض الأعيان، مثل عبدالهادي المجالي وطلال صيتان الماضي وغازي الزبن، إنقاذ الموقف بمقترحات تحسن بالحد الأدنى الممكن القانون، بدون جدوى. وحين أقر الأعيان نظام الدوائر الانتخابية، بما يعني وجود دوائر ذات مقعد واحد لا يمكن معها وجود صوتين داخل الدائرة، قدم العين طلال صيتان حلا بأن يكون للناخب صوتان؛ واحد لمرشح داخل الدائرة وآخر خارج الدائرة (في المحافظة).
وهو اقتراح كنا أيضا قد طرحناه في المداولات الجانبية للنواب، في ضوء إصرار البعض على "الحقوق المكتسبة" للألوية الصغيرة ذات المقعد الواحد.. لكن عبثا؛ فالتوجه كان محسوما للصوت الواحد، وصوّت 32 عينا من أصل 46 حضروا الجلسة، لصالح قرار النواب. وحتى الحكومة وقفت بوضوح ضد قانونها الذي جاء زمن حكومة عون الخصاونة، ويتضمن صوتين للناخب في الدائرة وصوتا للقائمة الوطنية.
الصوت الواحد وجهة نظر مشروعة مثل أي وجهة نظر أخرى في قانون الانتخاب، لكن هناك رسالة سيئة جدا تصدر عن دوائر القرار بهذا التعنت في إدارة الظهر للمقترحات التوفيقية ونحن في مرحلة التغيير والإصلاح وتوسيع المشاركة. وهي مقترحات وسطية بالفعل، وقد يرفضها التيار الإخواني ويقاطع، لكنها سترضي جميع الشرائح الأخرى، فيكون موقف المقاطعة معزولا وفاقدا لأي غطاء سياسي وشعبي.
نحن نشكك بقوة في الاستطلاعات التي ادعت أن الشعب بنسبة 60 % يريد الصوت الواحد. وكنا سنقبل باستفتاء محايد غير رسمي (لأن نظام الاستفتاء غير موجود في الدستور) بين خيار الصوت الواحد والصوتين حتى نحسم الأمر ونعرف أين يقف الشعب. فأينما ذهبت كنت أجد الأغلبية تعتبر الصوتين الحد الأدنى المعقول. ونشكك بالدراسات التي مررت الادعاء بأن الإخوان سيحصلون بالصوتين على 55 مقعدا (وفي رواية أخرى 65 مقعدا)، وأجزم أن هذه فزّاعة تم استلالها مؤخرا لدعم العودة إلى الصوت الواحد. وللتذكير، فإن حكومة معروف البخيت التي كانت تحضر قانونا يعطي الناخب 3 أصوات في الدائرة قالت إن استطلاعاتها تشير إلى أن الإخوان لا يستفيدون من الصوت الثاني، ويستفيدون بنسبة متواضعة جدا من الصوت الثالث، فمن نصدق؟
صدقوني أن الخوف من الإخوان ليس القضية؛ فقد بت على يقين أنها فزاعة وليس أكثر تغطي الإصرار على البقاء عند العقلية القديمة. هناك من يريد البقاء وإبقاء الأردنيين في نفس الوضع.. نيابة متخلفة وسلطة متخلفة، مع أننا في الأردن نملك فرصة فريدة بدون غيرنا من الدول لتحقيق التقدم ضمن مسار آمن، والإصلاح الديمقراطي في ظل الاستقرار.
سامحهم الله من فوتوا هذه الفرصة. ولا أعرف إلى أين نذهب الآن؛ فالمقاطعة قد تتسع، والغضب قد يتصاعد، والحراك الرفضوي قد يقوى، فتصبح الانتخابات نفسها قفزة في المجهول. ( الغد )