حتى تظل تقاليد المناسبات تحقق أهدافها

تم نشره الإثنين 25 حزيران / يونيو 2012 05:25 صباحاً
حتى تظل تقاليد المناسبات تحقق أهدافها
إبراهيم غرايبة

السلوك الاجتماعي المتبع في المناسبات أنشأه الناس استجابة لاحتياجات وأهداف اتفقوا عليها. هذا السلوك ليس مطلوبا لذاته، وليس هدفا بحدّ ذاته، ولكن هناك هدف آخر يفترض أن يحققه هذا السلوك، والعبرة بهذا الهدف. فالعزاء لمواساة أهل الميت والتضامن معهم والتخفيف من أحزانهم، والفاردة لإشهار العرس وليعلم الناس أن فلانا تزوج من فلانة، والجاهة تعبير عن الاحترام والالتزام بمقتضيات الزواج ومتطلباته؛ فهؤلاء الوجهاء يضمنون حق الزوجة وأهلها، ويلتزمون بأنها ستكون مكرّمة في بيت زوجها وأهله. والصلحة اتفاق جماعي على تسوية المشكلة وأداء الحقوق وفق ما هو متفق عليه.. وهكذا.

يجب أن نراجع ما هو متبع اليوم في العزاء والأعراس والتسويات القضائية، لنلاحظ ونحدد ضرورة وأهمية ما نفعله.. هل يشعر أهل الميت اليوم بالعزاء بالفعل وتقل أحزانهم وينسون مصابهم بسبب تقاليد العزاء المتبعة، أم أننا نزيد أحزانهم ونرهقهم نفسيا وجسديا ماليا؟

في ظروفنا الحالية، وأسلوب حياتنا الذي تشكل مؤخرا، والقائم على الفردانية والأسرة النووية والصداقة والجيرة والإقامة التي يغلب عليها الطابع الحضري، أظن أنه يجب أن يتحول "العزاء" إلى لقاءات محدودة ومغلقة في بيت أحد ذوي الميت، يشارك فيها أقارب الدرجة الأولى والأصدقاء المقربون، وبدون إرهاق مالي ومجهود جسدي هائل، من الاستقبال الطويل المتواصل للناس من كل صوب وحدب، وعلى مدى أيام متواصلة، يتعرض فيها أهل الميت لمزيد من الحزن والتعب.. ومصافحات ومجاملات طويلة، تكاد تصيبهم بارتجاج المخ. هذا الإسراف في التقبيل والاستقبال والوداع، ليس طقسا يواجه به الناس الموت.. كان ذلك مناسبا عندما كان عدد الناس قليلا، ويعيشون مع بعضهم في مكان واحد، فيدفنون ميتهم الذي يعرفونه جميعا ويفتقدونه جميعا. لا حاجة للعزاء إلا للمقربين والمعارف.. فلماذا يأتي الناس من كل صوب وحدب؟ وماذا يخفف عن أهل الميت أن يأتيهم أشخاص لا يعرفونهم؟ وكيف يقلل مصابهم هذا الطقس الطويل المضني بلا راحة أو خصوصية؟ ليتخيل كل واحد منا نفسه في موقف فقدان عزيز، ما الذي يحتاج اليه في هذه الحالة وماذا يخفف عنه؟ أظن أننا بحاجة إلى العزلة والخصوصية لنحزن في صمت وحدنا ولا يطلع على أحزاننا إلا المقربون منا. وربما تكون العزلة أكثر عزاء من المجاملة، واستقبال الناس بأعداد هائلة، وشرح قصة وفاة الفقيد لكل زائر.. أهل الميت في حزن عميق والزوار يتسلون بالقصة والمشهد! ما معنى الإرشادات الكثيرة جدا التي تملأ الشواخص المرورية وتدمرها لمساعدة الناس في الوصول إلى العزاء؟ ما العزاء الممكن أن يقدمه شخص لأناس لا يعرف بيتهم؟ هذا آخر ما يمكن أن يخفف عن أهل الميت أحزانهم ومصابهم، وأسوأ ما يمكن أن نعزيهم به.

حان الوقت لوقف احتفالات العزاء في المضافات والخيام العملاقة التي تسد الشوارع وتعطل الحياة، وبخاصة في مدن وأحياء لا يعرف الناس فيها بعضهم بعضا. أوصي أهلي بألا يقيموا عزاء لأجلي عندما أموت، وأن يدبروا حزنهم علي إن حزنوا، بأنفسهم وأصدقائهم المقربين.( الغد )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات