الموقف الأردني تجاه سوريا

الموقف الأردني تجاه ما يحدث في سوريا لا يقع في خانة الأبيض أو الأسود ، فهو موقف مركب ، تمليه مصالح الأردن على ضوء العوامل التي تشده باتجاهات مختلفة وأحيانا متناقضة.
من ناحية يقف الأردن مع الإجماع العربي الذي يأخذ موقفاً متشددا من النظام السوري ، ومن ناحية أخرى فإنه يحافظ على علاقاته السياسية والتجارية مع سوريا.
للأردن مصلحة في استقرار سوريا والتوصل إلى حلول سياسية تستبعد الحرب الأهلية من جهة والتدخل الخارجي من جهة أخرى ، وهي احتمالات يمكن أن تهدد أمن الأردن واستقراره.
للأردن مصلحة في البقاء ضمن الجماعة العربية التي يبدو أنها تتوقع من الأردن قدراً من التشدد ، وتضغط بهذا الاتجاه ، مما قد يفسر تأخر المنح المالية العربية الموعودة.
هذا لا يعني أن الأردن يقف على الحياد أو يلتزم بالحياد ، فالموقف الأردني يتحلى بقدر كبير من المرونة ، وهو قابل للانتقال من حالة إلى حالة ، على ضوء المعطيات الواقعية.
الحياد المطلق تجاه قضايا قومية أساسية ليس مقبولاً فيما لو كان الصراع بين الحق والباطل ، أو بين الخير والشر ، ولكن المشكلة أن الصراع ليس كذلك ، وقد يراه البعض بين سيىء وأسوأ فلماذا ينحاز الأردن لغير مصالحه الخاصة وأمنه الوطني واستقراره الاجتماعي.
قدوم الطيار السـوري بطائرته الميج وضع الموقف الأردني على المحك ، ولكنه استطاع أن يتصرف بسرعة وقبل حدوث شد وجذب ، فأخذ الموقف السليم ، فالطيار لاجئ سياسي لا ُيرد ، والطائرة سورية ستعود لأصحابها.
في بداية الحراك الشعبي لم يكن النظام السوري بدوره ودياً تجاه الأردن ، ولكنه عاد فاعتدل بعد ذلك ، ويبدو أنه أخذ يتفهم ويتقبل الموقف الأردني ، ولا تسمح له الظروف بأكثر من ذلك.
في غياب إجماع شعبي سوري ، وغياب الإجماع والوفاق حتى بين أطراف المعارضة السورية نفسها ، فإن مطالبة الأردن باتخاذ موقف حاد مما يحدث في سوريا تصبح غير منطقية.
وإذا لم تكن كل هذه الظروف كافية لتفسير الموقف الأردني المتحفظ ، فلا يستطيع محلل أن يتجاهل أن الموقف غير الودي للإخوان المسلمين في الأردن تجاه النظام الأردني لا يولد الرغبة في رؤيتهم يحكمون سوريا. ( الرأي )