«المقاطعة».. وقتها وصيغتها .

يمكن الجزم بأن أكثر من 95% من قيادات وقواعد الحركة الإسلامية يميلون إلى رفض قانون الانتخاب الأخير، ويرون أن مقاطعة الانتخابات تشكل الرد الأنسب عليه.
رغم ذلك أرى أنه من غير المناسب أن تبادر الحركة الإسلامية في هذا الوقت إلى إعلان موقفها رسميا، وبشكل نهائي من القانون ومن الانتخابات.
طبعا أنا هنا لا أتبنى هذا الموقف رغبة من الحركة كي تراجع موقفها، فهذا «شبه الإجماع» على رفض القانون والذهاب نحو المقاطعة لن تغيره إلا معطيات متعلقة بالقانون نفسه وببنيته.
لكنه من المناسب للحركة الإسلامية عدم التفرد في اتخاذ القرار، وتحمّل تفصيلاته لوحدها؛ فهناك شركاء للحركة وهناك رافضون كثر للقانون تتنامى أعدادهم، وكل هؤلاء يستحقون أن يتم التشاور معهم قبل اتخاذ أي موقف.
لستم مضطرين إلى الاستعجال، فمجسات النظام باتت تدرك وبشكل مؤكد أن المقاطعة جدية، وأن الرجوع عنها لن يكون دون مقابل متعلق بالقانون.
من اللائق ألا تذهب الحركة إلى شركائها في تنسيقية الأحزاب والجبهة الوطنية والحراكات، وقد اتخذت موقفا نهائيا من القانون والمقاطعة.
كما أن المقاطعة أو أي قرار سيتخذ بحق المشهد الانتخابي، سيكون أكثر تماسكا وقوة إذا ما توافر حوله إجماع وتشاور وشعور الأطراف كافة بأنها هي من اتخذته، وهي من ستدافع عنه وتعمل على إنجاحه.
من ناحية أخرى، ليست الحركة ملزمة باتخاذ موقف سريع يسمح للنظام وأدواته الإعلامية بإنتاج حملة استهداف، تقوم على استغلال التوقيت (فوز محمد مرسي في مصر) للهجوم والافتراء واجترار المزاعم.
النظام قلق من أجواء المقاطعة التي بدأت تلوح في الأفق، وهو وإن حاول إظهار عدم تأثره كما لمسنا من منطق فايز الطراونة في برنامج «ستون دقيقة»، إلا أن الحقيقة تقول: المرجل يغلي، وشرعية العملية تتهالك.
صمت الحركة وتأنيها وتنسيقها مع شركائها، وبحثها عن كثيرين سيقاطعون ورافضين للقانون، كل ذلك سيكون أكثر جدوى، وأكثر إرباكا للحكومة من اجتماع داخلي يعلن الموقف وينام عليه.
في النهاية، ستكون عملية المقاطعة أو المشاركة على السواء عملية وطنية سياسية بامتياز، ومع أني أمقت المقاطعة في كل مراحلها، لكني أرى أن النظام يستحق اليوم المقاطعة والتعرية! وأكثر من ذلك!
(السبيل)