عرائس الموت!

حسب تقرير المستشفى، فقد وصلت إلهام ابنة الثالثة عشرة من العمر، إلى المستشفى جثة هامدة وأنها توفيت جراء تمزق شديد في أعضائها التناسلية، أما زوجها فقال: إن زوجته كانت مريضة وتعاني الاعياء عندما تزوجها ولم تـُمكنه من معاشرتها لأنها رفضت بسبب خوفها ومرضها!.
إلهام كانت الضحية الأخيرة لزواج الأطفال في اليمن، وهي واحدة من كثيرات، يُسقن إلى الزواج في سن الطفولة ويطلق عليهن المجتمع المدني والصحافة «عرائس الموت»، ولا سيّما بعدما تُوفيت فتاة عمرها 12 عاماً، بينما كانت تضع مولودها الأول في سبتمبر أيلول الماضي.
المشهد يبعث على ما هو اكثر من الاشمئزاز، خاصة حينما يتصدى بعض «رجال الدين» ولا اقول علماء الدين، للتشريعات التي تحدد سن الزواج،وكي لا نذهب بعيدا، يبدوأن اليمن تحديدا هو البلد العربي الأكثر معاناة من مشكلة زواج الأطفال، فلم تظل هذه الظاهرة واحدة من أهم الملفات الاجتماعية والشرعية الساخنة وذلك بفعل العديد من القضايا التي شهدتها المحاكم اليمنية من فتيات قاصرات يطلبن الطلاق، وقد قرأنا أخيرا عن قضية الطفلة نجود محمد علي، ابنة الثمانية أعوام، التي حصلت على الطلاق، بعدما رفعت شكوى على والدها الذي أرغمها على الزواج من رجل يكبرها بعشرين عاما، لتدفع بهذه المشكلة إلى السطح، والتي كانت سيرتها الذاتية مادة لكتاب نشر هذا الشهر باللغة الانجليزية في الولايات المتحدة، تحت عنوان «أنا نجود.. عمري عشرة أعوام ومطلقة» تحكي فيه كيف أرغمت وهي في الثامنة من عمرها على الزواج من رجل عمره ثلاثة أمثال عمرها، وتعرضها للاعتداء والضرب قبل أن تصنع تاريخا في اليمن بالحصول على الطلاق!.
ظاهرة الزواج المبكر أو الزواج «القسري» دفعت مئات اليمنيات للقيام بمظاهرات أمام مقر البرلمان في صنعاء، للمطالبة بتحديد تشريع يحدد سن الزواج بـ 18 عاماً، فيما خرجت آلاف اليمنيات في نفس المكان يطالبن بعدم إقرار التشريع باعتبار ذلك مخالفا للشريعة الإسلامية(!) مطالبات بالأخذ بفتوى علماء دين حرموا مثل ذلك التشريع، معتبرين انه تنفيذ لأجندة غربية!.
قانونيا، جميع الدول العربية تقريبا لديها تشريعات وطنية تحدد سناً آمناً للزواج مع تفاوت بسيط في مقدار العمر، وشرعيا، هناك تباين بين فريقين من العلماء الأول يرى من حق ولي الأمر أن ينظم المباح إذا ثبت تأثيره الضار على المجتمع، والثاني يرى حرمة تحديد سن الزواج وأن الشرع حض على التبكير بالزواج والتماس العفاف، ولا يمكن تحديده لاختلاف عمر البلوغ من مكان لآخر، ومن أنصار الرأي الأول الدكتور محمد الدسوقي أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة، حيث يؤكد أن الشرع أتاح لولي الأمر اتخاذ كل ما من شأنه إصلاح شأن رعيته، بشرط ألا يتعارض ذلك مع نص صريح في الكتاب أو السنة، وهذا ما ينطبق على هذه القضية؛ لأنه لا توجد نصوص شرعية تحدد سن الزواج وتفرضه على الناس، ولهذا فإن وجود تشريع يحدد سن الزواج مع الاسترشاد بآراء الأطباء لا شيء فيه من الناحية الشرعية، وفي هذه الحالة يكون الالتزام بهذه القوانين المحددة لسن الزواج واجب شرعا، ومن يخرج عليها فهو آثم ومن حق الحاكم فرض عقوبة عليه، حتى وإن كان العقد صحيحا.
ولئن كنا نتحدث عن «عرائس الموت» في الشرق، فلا ننسى أخواتهن في الغرب، حيث الاتجار بالأطفال، واستغلالهم جنسيا، وحتى بيعهم، خلافا لكل القوانين والأعراف البشرية والإلهية، وتحفل شبكة الإنترنت للأسف بمواقع لا حصر لها متخصصة بممارسة الرذائل مع الأطفال ذكورا وإناثا، على نحو تقشعر لها الأبدان! . ( الدستور )