البحث عن مرجعية : واجب الوقت

تم نشره الجمعة 29 حزيران / يونيو 2012 01:16 صباحاً
البحث عن مرجعية : واجب الوقت
حسين الرواشدة

أعتقد ان وصول الاسلاميين الى الحكم في بعض بلداننا العربية سيطرح سؤالا مهما وهو هل يمثل هؤلاء الجسم الاسلامي ويعبرون عنه ام ان الامة ما تزال بحاجة الى مرجعية اسلامية معتبرة ،سواء خرجت من مهاد السياسة او من مهاد الدين ومؤسساته وعلمائه، و للتوضيح فانا لا اتحدث ولا اطالب بوجود سلطة دينية وانما لا بد من وجود مظلة اعتبارية او معنوية تمثل نحو ربع سكان البشرية ولا بد ايضا من ان نشعر كمسلمين بأن لدينا رموزا مخلصة تعبر عن قضايانا وتعكس صورتنا الصحيحة .

أعرف ان احوال المؤسسة الدينية في بلداننا العربية والاسلامية ليست افضل حالا من اوضاع النظام السياسي العربي ، لا تسأل - هنا - عن دور الوزارات والحركات والمؤسسات التي تتبنى الحديث عن الاسلام او تعمل في اطاره ، ولا عن همة العلماء ومجامعهم وروابطهم وما يصدر عنها من فتاوى او قرارات ، يكفي ان نتأمل في مسألة واحدة ذكرتها سلفا وهي غياب المرجعية الاسلامية المعتبرة التي يمكن ان تمثل نحو خمس سكان البشرية وتتبنى قضاياهم وتدافع عنها كما هو الحال لدى كل الاديان والمذاهب.

هل يوجد للمسلمين زعامة تمثلهم ، او مرجعية تتحدث باسمهم ، السؤال ليس جديدا ، فكل الدعوات التي انطلقت للتقريب او للوحدة بين المسلمين ، كانت تبحث عن اجابة عملية حاسمة على هذا السؤال ، ومع ان المسلمين - دون غيرهم - يتفقون على كتاب واحد ونبي واحد ، ويجتمعون على اصول ثابتة وان اختلفوا في بعض الفروع والتفاصيل الا ان ذلك كله لم يشفع لهم بابداع مرجعية تحظى باعتراف العالم واحترامه ، او تؤثر في احداثه ، او تنتزع حقوق المنتسبين اليها منه ، صحيح ان لدينا فقهاء وعلماء ومجامع ومؤسسات دينية ، لكن المقصود بالمرجعية، سواء كانت مؤسسة او زعامة دينية يتجاوز هذا الموجود بما فيه من تعددية واشتباك واستقطاب للاتفاق على مرجعية عابرة للمذاهب والمدارس والاتجاهات الفكرية ، يشارك فيها علماء ومفكرون وسياسيون ، وترتفع فوق الخلافات والاختلافات ، وتجتهد في جمع كلمة المسلمين واستنهاض طاقاتهم والدفاع عن قضاياهم ، دون ان تصادر حريات الناس او ان تفرض عليهم اجتهاداتها ، ودون ان تتحول الى سلطة دينية كما حدث لدى غيرنا ، فمهمتها الاولى اشاعة ثقافة الائتلاف ، ومهاد حركتها القضايا الكبرى وهدفها بناء الوحدة العلمية ووضع الامة على طرف من الندية في علاقتها مع الاخرين.

لا اريد ان اقول بان المسلمين بحاجة الى بابا او زعيم روحي يحظى باحترام العالم وتقديره ، ولا اريد ان اتساءل عن سر غياب النموذج الانساني الاسلامي المعاصر ، ولكنني اشعر بالمرارة حين ارى ان المسلمين تحولوا الى ايتام ، وحين اسمع عن نماذج لقرى فاضلة في اوروبا يزيد عددها عن 12 قرية نجح اخواننا المسيحيون في انشائها ، وحين اقرأ عن الام تريزا وعن غاندي وغيرهم من النماذج الانسانية المعاصرة واتذكر انه كان لدينا نماذج - وما اكثرها- عبرت عن انسانية الاسلام وعن عدالته و منعته وسماحته ، لكنها تبدو اليوم غائبة ، اشعر بالمرارة - اي والله - لأنني ادرك ان النزعة الانسانية في الاسلام تحتل مساحة واسعة جدا ، لدرجة ان الخطاب القرآني يضع مفهوم الانسان في مقابل مفهوم الله تعالى ، باعتبار الانسان خليفة له سبحانه وحاملا لأمانته، ومكلفا بعمارة كونه وباعتبار ان كل ما في الوجود مسخر لخدمته.

بدأنا بالمرجعية الاسلامية الغائبة وانتهينا بالنماذج الانسانية الغائبة ايضا ، واحسب ان المسألتين ترتبطان ببعضهما ، فالامة التي تعجز عن انتاج خطابها الانساني ، والدفاع عن حضورها الكوني، واستيلاد نهضتها وحضارتها ، لا شك بانها ستكون عاجزة عن ابراز مرجعية توحدها ، وزعامة تتحدث باسمها ومشروع تتميز به عن غيرها ، وتتدافع من خلاله لمشاركة العالم في مسيرته ، ولانتزاع ما تستحقه من مكانة فيه. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات