مرسي «والزعامة» في طبعتها الجديدة

تم نشره الإثنين 02nd تمّوز / يوليو 2012 01:02 صباحاً
مرسي «والزعامة» في طبعتها الجديدة
حسين الرواشدة

 مَنْ منّا لم تدهشه صورة “مرسي” وهو يلقي خطابه في ميدان التحرير؟ او وهو يبكي في “الازهر” او وهو يعتذر لطلبة جامعة القاهرة، ومن منا لم يتوقف امام هذه اللغة الجديدة من “الخطاب” حين يصدر من “الزعيم” الى الشعب، خاصة وان ذاكرتنا ما تزال محمّلة بأنماط مختلفة من خطابات “الزعماء” المستبدين، منهم من وصف شعبه “بالجرذان” ومن من وصفهم “بالجراثيم” ومنهم من استدرك في آخر لحظة بأنه “فهمهم” ومنهم ما لا يزال “يعالجهم” بمشرط الطبيب القاتل.. ولم يشبع من دمهم حتى الآن.

قبل ان يصل الى سدة الرئاسة، كان مرسي مجرد “سياسي” محسوب على الاخوان المسلمين، وحين فاز على منافسه في الانتخابات اصبح بنظر المصريين “رئيسا” منتخبا، لكنه حين اعتلى منصة “التحرير” تحول الى “زعيم” وقائد، بعض القوميين رأوه صورة اخرى لعبدالناصر، وبعض الاسلاميين تصوروه نموذجا آخر لأحد “الخلفاء” الراشدين؟ وبين التصورين اصبح مرسي يدخل شيئا فشيئا الى قلوب المصريين، بسطائهم ونخبهم، والسؤال: كيف فعل ذلك؟ وهل يمكن للزعيم ان يتحول الى “ملهم”؟ هل هي مجرد صناعة وتكلف او ولادة طبيعية؟ هل هي “بركة” الثورة والديمقراطية او “لوازم” المنصب الجديد في ظل مناخات لم تعد مأمونة.

في ذاكرتنا التاريخية ارتبطت صورة “الزعيم” بالمستبد العادل، ولم ننتبه –ربما- الى ان الزعيم لا يولد في العادة مستبدا وانما يمنحه الناس شرف هذا الاستبداد، بنفاقهم احيانا وبقابليتهم للعبودية احيانا اخرى، لكن ربما تغيرت الصورة بفضل الثورات العربية فأصبح “الزعيم” مجرد مواطن وانسان او وكيل للامة وخادم لها –كما اصرّ مرسي على تكرار ذلك- بمعنى انه مدين لاصوات الناس التي صبّت له في الصناديق، وليس “متفضلا” عليهم في شيء الا بالتزامه بما تعهد به وما يحقق العدل والمصلحة لهم.

في عالمنا المعاصر ثمة نماذج “للزعامة” السياسية وثمة نماذج اخرى “انسانية” حظيت باحترام الجميع، خذ مثلا “مانديلا” والام تيريزا، اما في عالمنا العربي فما زلنا نعاني من ندرة وجود مثل هذه الزعامات والنماذج واعتقد ان ما يقدمه لنا “مرسي” الآن هو نسخة جديدة لم نألفها، فهو في خطابه الاول –مثلا- يتقمض شخصية “ابي بكر” بخطابه التصالحي اللين، ثم يقترب في صرامته لشخصية “عمر” العادل والفاروق.. وتبعا لخلفيته الدينية يتنقل في الصورة وفي مضمون الخطاب بين حقول الزهد والتواضع والورع واليقين، وهو يدرك –بالطبع- ان الجمهور المتلقي متدين بشكل عام، وان “لواقطه” مفتوحة على ذبذبات “المخلص” المنتظر، لكنه سريعا ما “ينزل” للواقع ويتحدث بلغة السياسة التي يفهمها الجميع.

باختصار، نجح مرسي –حتى الآن- في تقديم نموذج جديد “للزعيم” لكن هل سيتمكن من الحفاظ على هذه “الصورة” بعد ان يباشر مهمة الرئاسة في قصر “الاتحادية”؟ ثم هل سيخضع الى “ما يطلبه” الجمهور الذي ما تزال فكرة “الزعيم المستبد” متغلغلة في اعماقه؟ هل ستأخذه السياسة وصراعاتها والصلاحيات وامتيازاتها كما اخذت من سبقه الى التماهي مع السلطة بما تفرضه من “قيم” واعتبارات ومظاهر؟ لا ادري ولكنني اتصور ان هذه النسخة التي وصلت الينا من “مصر” هي نسخة اصلية وليست مقلدة ولا طارئة، وضمان الحفاظ عليها هو “الميدان” بكل ما عبر عنه من ثورة على الافكار السابقة، والانظمة المستبدة التي حكمته، ووعي على الديمقراطية والتعددية والكرامة ومفهوم “الحكم” وحق الناس في محاسبة من يتولى امرهم.

ومع ذلك، نتمنى ان تكون الصورة الجديدة لأول “رئيس” منتخب في عالمنا العربي كما رأيناها في لحظة “التمرين” على ممارسة “الحكم” صورة حقيقية وليست مغشوشة.. وان لا تخذلنا كما خذلتنا صور عديدة “لزعامات” دخلوا قلوبنا بالترحاب ثم خرجوا منها بما يكفي من “لعنات”. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات