اغلاق الملف السوري

تعيش سورية اياما عصيبة من حيث النتائج المتوقعة لربع الساعة الدموي الاخير وما يقال رسميا عن عمليات جراحية واسعة، مقابل محاولة الجماعات المسلحة اقناع الامريكان والرجعيين انها ورقة رهان صالحة.
فمن الواضح ان ما جرى في مصر وغيرها ليس بعيدا عن تسوية دولية بعد لقاء بوتين - اوباما (مصر مقابل سورية).
الى حين انهاء الترتيبات الانتقالية لتقاسم السلطة في مصر بين رئاسة مدنية شكلية اخوانية وبين المجلس العسكري الحاكم الحقيقي، فان سورية بدورها ستعيش ترتيباتها عبر اكثر الجولات دموية بين النظام والجماعات المسلحة، تماما كما حدث في ثمانينيات القرن الماضي مع جماعات اعتقدت واهمة ان من يدعمها سيدعمها للابد، وكانت مثل عريس الغفلة، عندما وجدت نفسها آخر من يعلم..
وعندما كتب غسان تويني، آنذاك بان القوى الدولية والاقليمية التي كانت تدير الازمة السورية، تفاهمت مع حافظ الاسد في تسويات ما بينها على ملفات اخرى، صدر عن (التجمع) المعارض في سورية وكان يضم اسلاميين وماركسيين من جماعة رياض الترك، ان الشعب السوري هو الذي يقرر ما يجري، وان اشهرا قليلة تفصله عن الاطاحة بحكم الاسد ومخابراته وكان ذلك في نهاية عام 1985.
نعم، الملف السوري في طريقه الى الاغلاق مع خسائر فادحة من كل الاطراف ولن يكون مصير الرئيس السوري على جدول الترتيبات الاقليمية والدولية، رغبنا ام لم نرغب، فهذه هي لعبة الامم والسياسة.. وبالاضافة للسياسات الرسمية السورية التي شبكت العوامل الداخلية بعوامل اقليمية ودولية فان (المعارضة) سعت منذ اليوم الاول لتدويل الازمة السوري ووضع سورية تحت الفصل السابع، وعليها ان تتحمل نتائج لعبتها ولم يقلق او يتخوف احد من ذلك سوى المعارض الوطني الذكي الدكتور هيثم المناع الذي ضاعت تحذيراته وسط الاصوات المأجورة الكثيرة في اسطنبول وغيرها..
نعم، الملف السوري في طريقه الى الاغلاق ومن دون ان يطرح تنحي الاسد على جدول الاعمال الدولي الخاص بسورية، وذلك مقابل تفاهمات دولية متبادلة محورها مصر، ومتى، ولماذا، في ظروف انتقالية حساسة شديدة العلاقة بطرفين اقليميين هما، السعودية وما تشهده من مناخات لتجديد السلطة، والعدو الصهيوني المهتم بما يسميه المجال الحيوي المباشر له (الضفة الغربية والاردن).
وبالمقابل فكل الاطراف والقوى التي راهنت على (ربيع سوري) على مقاسها فالخشية ان تذهب (فرق عملة) واين في الصراع على (سوق الشام) وثقافة (تجارية) عريقة على هذا الصعيد. ( العرب اليوم )