مجلس النواب ومدرسة النهضة .

المساحة ما بين نهاية شارع البارحة وبداية شارع الهاشمي سر لمدن وناس توالوا قبل أن تستقر الحالية اربد، وناسها على ما هم عليه الآن. ولا يكشف ظهر التل القديم الذي لم يكشف عنه تماما هو الآخر أي أمر بالأساس، ولا المغائر المكتشفة التي تداول الناس عن واحدة منها إبان العمل لتشييد المبنى الحالي للبلدية في سبعينيات القرن الماضي أنها احتوت كنوزا خيالية، وقد اتسع خيال البعض وهو يتحدث عن أثواب من الذهب الخالص والجرار التي كانت فيها، وكيف أن طائرة عمودية حضرت ونقلت كل شيء ما عدا القبور الحجرية، ولا تلك البقايا الرومانية ومخلفات العهد العثماني أيضا.
سر اربد دفين، فكل ما عرف عنها مذ كانت ارابيلا لا يفسر لما كانت وما زالت هامشية، دون دور كما هو لجرش وأم قيس وبصري أو حتى لبيت راس والحصن وما قبل هذه وبعدها إلى الآن.
يتوسط المساحة شارع يرتفع طالعا إلى أقصى التل، يبدأ يمينا بمنى قديم من طابقين ملاصق لمبنى مثله أسفله مكتب غنام وأعلاها مدرسة النهضة العربية، وبينهما بيت الدرج الذي حوله الشاعر الشعبي مصطفى السكران إلى مكتب خاص له، ثم مدرسة إناث فمنزل المحايري تليه مدرسة حسن كامل الصباح وبعدها مبنى خصص بالستينيات، ليكون روضة أطفال ثم مسرح مدرسة الصناعة وملعب كرة السلة فالمدرسة نفسها.
أما يسارا فيبدأ من مبنى قديم أيضا أسفله مخزن تجاري لغرير بعده الانعطاف يسارا نحو السجن والبلدية والسرايا ثم نحو ثانوية اربد، وهناك مسجد وكنيسة أقدم منه وبيت عرار وآل سماوي ومعالم أخرى ما زالت واندثر اكثرها.
الجهة المقابلة للمساحة، اشهر ما كان فيها محلات جمعة وبيبرس وأبو ياسين الحلاق وشوكت الشامي ومقهى الوحدة العربية.
وأبو نبل الملح وفخري الزعبي وسوق الصاغة، وسط الساحة شيدت البلدية ملجئاً بعد النكسة تحول لاحقا إلى مراحيض عام، ثم إلى مكرهة صحية قبل أن تغلقه وتخفي معالمه بجزيرة وسطية للشارع.
قصص وحكايات المساحة أكثر من أن تذكر كلها، واحدة منها عن مدرسة النهضة العربية التي يملكها اليساري التقدمي فهمي العابدي الذي نصب نفسه مديرا عليها، طويل القامة مع بنية قوية، أشقر، أنيق، ليس صارما، وكان يفشل عندما يمثلها أمام التلاميذ، محبوب ومعروف للجميع.
المدرسة مجموعة غرف طوعت لتكون فصولا للتلاميذ، وهؤلاء ليسوا كلهم كذلك وإنما قلة منهم فقط، وهي مخصصة أكثر ما يكون للتلاميذ الذين يرسبون بالتوجيهي، ويعيدونه دراسة خاصة وأكثرهم يرسبون مجددا، وهؤلاء لا يعودون تلاميذا بحكم السن، فتتحول المدرسة بالنسبة إليهم إلى مجرد مكان لتمضية الوقت وإثارة الشغب في أكثره، فلاهم بالتلاميذ ولا بالناضجين، ومع ذلك يحتلون المدرسة طوال العام دون نهضة بها من أي نوع، رغم انها للنهضة العربية بموجب اسمها، وهو نفس حال النواب الذين يحتلون المجلس بالتزوير ويشاغبون طوال الوقت، ويمثلون على الناس بدل تمثيلهم، رغم أن فهمي العابدي ليس مثل عبدالكريم الدغمي.(السبيل)