زيارة خالد مشعل

مطلوب من حماس موقف سياسي ضد من يعادي قرار فك الارتباط .
حظي رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل خلال زيارته الى عمان بترحيب رسمي وشعبي واسع بدأ من جلالة الملك عبدالله الثاني وانتهى بلقاء رسميين وحزبيين وسياسيين وصحافيين، وهذا ينم عن درجة الاحترام العالية التي يكنها الاردنيون رسميا وشعبيا لشخص خالد مشعل والرمزية النضالية التي يمثلها.
ومجرد وصول مشعل إلى عمان في زيارة ثانية خلال العام الجاري فإنه مؤشر على حقيقة تنامي العلاقة الاردنية مع حركة المقاومة الاسلامية حماس على جميع الاصعدة، صحيح ان للزيارة بعدا محليا يمكن ان يخفف من الاندفاع"الاخواني" باتجاه الشارع وهذا ما شاهدناه يوم الجمعة الماضي عندما خلت ساحة الجامع الحسيني من الحراك الاخواني.
وصحيح ان مشعل عرض في مقابلاته مع المسؤولين الاردنيين ما يمكن ان يساعد فيه لكن الجواب طبعا لا يمكن ان يكون نعم وباسهاب لان مشعل يمثل قضية وعنوانا آخر لا علاقة له بالشأن الداخلي المحلي فجاءه الرد" كلمة الخير بتكفي" وهي عبارة لها مضامين كثيرة.
خاصة وان قادة حركة حماس كانوا تاريخيا مع عدم توتير العلاقة بين الدولة الاردنية وجماعة الاخوان المسلمين، وشجعوا ضمن علاقاتهم في سنوات ماضية على عدم الوصول إلى قرار مقاطعة الانتخابات.
واذا كان من دور او موقف مرتجى من حركة حماس فانها مدعوة اليوم الى اتخاذ موقف سياسي جذري من اي طرف اردني او غير اردني يعادي قرار فك الارتباط الاداري والقانوني مع الضفة الغربية ويدعو الى الغائه، لان في ذلك موقفا معاديا لحركة حماس ذاتها وللشعب الفلسطيني ونضاله الوطني.
لقد وصلت الدولة الاردنية الى قناعة تامة من ان العلاقة مع حماس هي علاقة طبيعية مع جزء مهم من مكونات الشعب الفلسطيني، وبالتالي فإن هذه العلاقة يجب ان تصب في المصلحتين الاردنية والفلسطينية المباشرة وعلى اساس مقاومة الاحتلال الاسرائيلي وفرض حقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها جلاء الاحتلال واقامة الدولة المستقلة وعودة اللاجئين ، مع الاستدراك بأن العلاقة مع اي طرف فلسطيني يجب الاّ تكون على حساب اي طرف آخر بل معززة له.
وقد بات الجميع على قناعة تامة بان مصلحة الاردن بتقوية العلاقة الاستراتيجية مع حركة حماس لسببين رئيسيين، الاول؛ مكانة هذه الحركة في النضال الفلسطيني وطبيعة مواقفها المبدئية والواضحة من التوطين والوطن البديل وحق العودة، وهي خطوط استراتيجية في السياسة الاردنية.
واذا كان من خطأ ارتكب في السياسة الاردنية فان استنكاف الدبلوماسية الاردنية في السنوات الماضية عن القيام بدورها في العلاقة مع حركة حماس تهميش للدور الاردني في القضية الفلسطينية وانعكس ذلك على تحويل ملف حماس في الاردن الى ملف امني اكثر منه ملف سياسي.
لقد كشفت الاحداث وما انتجته من موازين قوى جديدة في الشوارع العربية ومراكز صنع القرار الدولية ان مكانة خالد مشعل وحركة حماس قبل الربيع العربي هي غيرها بعده، فإنها اليوم في الصدارة واصبح المستقبل امام مشعل ليكون زعيما فلسطينيا تاريخيا في الوقت الذي بدأ الاخرون يفقدون بوصلتهم وادوارهم واوزانهم.
ومن هنا فإن العلاقة مع خالد مشعل وحركته يجب ان تكون علاقة استراتيجية واضحة المعالم والاهداف، وهذه العلاقة ليست عابرة بل هي جزء من التغيير والاصلاح المنشود. ( العرب اليوم )