أسبوع جزائري أخضر!!

تم نشره الإثنين 09 تمّوز / يوليو 2012 11:32 صباحاً
أسبوع جزائري أخضر!!
خيري منصور

هذه من المرات النادرة التي اكتب فيها اثناء السفر، لكنني لم استطع مقاومة الكتابة في زقاق ضيق امتلأ ذات يوم بالدم في حي القصبة بمدينة الجزائر، ذلك الحي القديم الذي تحولت بيوته الى اصابع لا حصر لعددها في قبضة المقاومة، وعلى مقربة من هذا الحي صعدت الدرج ذاته الذي غطاه العشب والذي اقترن اسمه بثلاث جميلات هن جميلة بحيرد وجميلة بوباشا وجميلة بوعزة، النساء اللواتي قاتلن على جبهتين، جبهة الذكورة التي تحتكر الحراك الانساني وجبهة المقاومة لمستعمر لم يخطر بباله انه سيحمل حقائبه ذات ظهيرة سوداء ويرحل.

ان ابناء واحفاد من قضوا في سبيل حرية بلادهم لهم ذاكرات موشومة واصابع حين تصافحها تكهرب يديك. هذا ما احسسته في لحظة انتابتني بها قشعريرة قومية شاء دهاقنة العولمة وتهريب الدم ان تتلاشى فالسيدة وزيرة الثقافة الجزائرية فاجأتني بتقبيل يدي عندما صافحتها امام جميع الحضور قائلة.. هذه قبلة الدم للدم والحرية للحرية.. فبادلتها على الفور التحية بما يماثلها لأنني لا أملك ما هو أفضل منها.

سمعت من شيوخ تجاوزوا الثمانين ما لم أقرأه في الكتب، ورأيت أبطال روايات، آسيا جبار ومالك حداد وكاتب ياسين، من لحم ودم، بتلك التجاعيد الأشبه بتضاريس بلاد جبلية وعصية على التسطيح.

أستأذني صديق جزائري بقراءة قصيدة الشاعر الباقي محمود درويش وهي بعنوان الجميلات قائلاً أن درويش لم يكن يقصد جميلات الجزائر، لكنه لن يمانع في أن تكون القصيدة وما صاحبها من الكمنجات لهنّ.. سماء زرقاء صافية وبحر متوسط شفيف، لكن صدى هديره مُثقل بأصوات انسانية وأنين أزرق قادم من ذلك الساحل المقدس أو من ذلك الجبل الجليل الذي شهد رقصة الذبيح والزبد الأحمر على شفاه وأنياب القتلة..

هنا نموذج للاستيطان الذي خلع من جذوره، ففي هذه العمارات الشاهقة التي شيدت بهندسة فرنسية كان يسكن مئات الألوف من الذين راهنوا على تدجين التاريخ لصالحهم وكان محرماً على أبناء البلاد حتى السير في هذه الأحياء، لكنها الآن وبعد خمسين عاماً تعج بهم حيث أحبوا وتزاوجوا وتكاثروا ولو سئل أي حجر في هذه المنازل عن اسمه لأجاب على الفور بأنه أحمد أو هواري أو يوسف.

لثغ جيلي العربي في العاشرة من عمره بذلك القسم.. بالساحقات الماحقات، ثم عاد ليردده بعد خمسين عاماً مع ألسنة شاؤوا لها أن تبقى غريبة في الأفواه التي تتحرك داخلها.

ما أقل لحظات القشعريرة القومية في حياتنا وما أكثر السماسرة وسموم الأخوة الأعداء!
( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات