الاستقطاب الطائفي!!

تم نشره الأربعاء 11 تمّوز / يوليو 2012 02:12 مساءً
الاستقطاب الطائفي!!
خيري منصور

تتسع كلمة الاستقطاب في هذه الايام لمختلف المفاعيل السياسية، وهذا بحد ذاته ليس امرا طارئا، فطالما لعب الاستقطاب دورا تاريخيا في تحالفات وسياقات سياسية واقتصادية، لكن ما يميز الاستقطاب الان كفعالية سياسية في النطاقين الاقليمي والدولي هو كونه طائفيا بعدة امتيازات، ولا يغير من الامر شيئا ارتداء الأقنعة او اطلاق الاسماء المستعارة على هذا النمط الايديولوجي من الاستقطاب، فمنذ فترة ليست بالقصيرة طغت هويات فرعية ومذهبية على هويات قومية، وكأن اثنين من المشتغلين في هذا الحقل الدولي الملغوم من الامريكيين قد أصدروا موسوعة عن الاثنيات في العالم المعاصر والتي بلغ عددها أكثر من مئتين واربعين اثنية، كان ذلك على ما يبدو متزانما مع نهايات الحرب الباردة وتفكيك الاتحاد السوفيتي الذي كان ساحة لاندلاع اثنيات هاجعة في باطن الاتحاد ومغطاة بخوذة امبراطورية شاسعة وثقيلة.

في عالمنا العربي، تحول الاستقطاب الطائفي من حراك شبه سري الى نشاط علني، واصبح الخطاب المدجج طائفيا واثنيا يتردد بوضوح وعلى مدار الساعة وثمة ميديا حاذقة ومسيسة بقدر ما، هي مسيرة لعبت دورا في تعميق الخطوط، فبعد أن كانت مرسومة بقلم الرصاص او الطباشير اصبحت الان محفورة بجنازير الدبابات!

ويبدو أن من العوامل التي غذت هذا الاستقطاب حالة الفراغ التي أعقبت تدهور المشروع القومي وكذلك اليسار الذي تخلى عن راديكاليته وهاجر الى مواقع جديدة هي البيئة وحقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني.

وكما ان الطبيعة لا تطيق الفراغ فان التاريخ كذلك ايضا، اذ غالبا ما تتوارى مفاعيل وديناميات الاستقطاب الطائفي وراء حراك قومي او يساري، لكن ما يبدو على السطح في حالات كهذه هو مجرد الجزء الناتئ من جبل الجليد، فهناك ثقافة شفوية وطقوس وتربويات مؤدلجة تغذي الهويات الطائفية، ولا يمكن لاحد ان يتصور بانها اندلعت فجأة لمجرد ان ارتخت الدولة وتراجع غطاؤها الفولاذي كما حدث في التجربة السوفيتية.

ان الاستقطاب الطائفي هو البرهان الحي على اخفاق مشروعات كبرى، واستقطابات من طراز اخر، لكن فزعة الانحسار والانكفاء التي ميزت هذه الحقبة بحيث اصبحت دول وكيانات اشبه بالسلاحف التي تخشى ان تفقد اصدافها فتتحول الى هلام.

فهل كانت الافكار والايديولوجيات والنظريات الكبرى مجرد اقنعة تخفي انتماءات طائفية تنتظر اللحظة المناسبة للاندلاع؟

الارجح ان ما انتهى اليه شكل الدولة في القرن العشرين وبالتحديد بعد الحرب العالمية الثانية هو فشل النشيد مقابل انتصار الرغيف وهاجس الهوية الجريحة.

ما يحدث الان وبمختلف الصيغ والخطابات هو استقطاب طائفي، وكأن كل ما بشرت به التيارات الانسانوية والايديولوجيات الكبرى هو مجرد طلاء!! ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات