من يدفع تكاليف اللاجئين السوريين ؟
تسارعت خلال الفترة الاخيرة وتيرة توافد اللاجئين السوريين الى الاردن عبر المنافذ الحدودية وحتى بطرق غير مشروعة، لتصل المعدلات اليومية احيانا الى حوالي تسعمئة شخص لم يجدوا امامهم مفرا من الهرب نتيجة الاحداث الجارية في سورية، مما تجاوز معه اجمالي اعدادهم المئة والثلاثين الفا وفق احدث التقديرات وهم يتزايدون يوما بعد آخر، وهذا ما يلقي أعباء ثقيلة على الجانب الاردني الذي يعاني أزمة مالية حكومية لا تستطيع الايفاء بالخدمات اللازمة لمثل هذه التجمعات الكبيرة التي لا يملك معظمها ما يسد الرمق او الاحتياجات الانسانية الاخرى.!
من الطبيعي ان لا يمن الاردن على الاشقاء الذين يلجأون اليه حين تضيق عليهم الاحوال في بلادهم ومسيرته ناصعة البياض في الاحتفاء بهم وتقديم كل ما يقدر عليه تجاههم شعبا وحكومة وهذا ما ثبت فعلا لاكثر من رعايا شعب عربي شقيق، لكن تأزم الاوضاع السورية منذ حوالي السنة والنصف وتفاقم تعقيداتها على نحو دموي وتدميري ماثل للعيان يجعل من الصعوبة بمكان تحمل تبعاتها من دون مساندة دولية على المستوى ذاته من التكاليف الباهظة.!
ما يتسرب من الجهات المتخصصة يفيد أن الجانب الاردني لم يتسلم لغاية الآن اي مخصصات مالية ذات قيمة من المساعدات الدولية، التي يتردد الاعلان عنها بعشرات الملايين من قبل دول تبحث عن مصالحها اولا واخيرا على حساب القضية السورية وتفاعلاتها التي لا تجد طريقا للحلول السياسية والانسانية حتى اللحظة، حيث تشير تقديرات الجهات الرسمية ان تكلفة اللاجئين السوريين على البنية التحتية الاردنية تبلغ اربعمئة مليون دولار سنويا من خلال تكلفة الشخص الواحد البالغة ثلاثة آلاف وخمسمئة دولار.!
اما الامم المتحدة فتقدرها بحوالي الفي دولار للفرد الواحد وبواقع مئتين وخمسين مليون دولار سنويا، ومع ذلك لا تلوح في الافق اية بوادر لتغطية اي شيء من هذه النفقات الهائلة، حيث تقول المنظمة الدولية انها لم تتسلم سوى حوالي خمسة عشر مليون دولار من اصل اربعة وثمانين مليونا طالبت بها الدول المانحة كمساعدات عاجلة، وان ثماني منظمات دولية فقط لا غير من اصل اربع وثلاثين منها تنوي مساعدة الدول التي تستضيف لاجئين سوريين وهي اضافة الى الاردن تركيا ولبنان.!
صندوق الامم المتحدة للسكان في الاردن لم يتسلم هو الاخر سوى نصف مليون دولار لدعم الانفاق على اللاجئين السوريين، ويكشف ان تدفق هؤلاء بهذا الشكل والزخم على الجانب الاردني يؤثر على جميع الخدمات ويضغط على موارده المحدودة، ولا بد من دعم المجتمع الدولي له لان الغالبية العظمى من الوافدين بحاجة ماسة الى خدمات رعاية انسانية وصحية واسرية متكاملة تتطلب تكاليف كبيرة.!
تتعدد المؤتمرات ذات الطابع الدولي وتتصارع المصالح على ما يحدث في سورية الشقيقة من مآس تجبر الكثير من اهلها الى البحث عن ملاجئ آمنة، الا ان ذلك لا تواكبه مساعدات مالية الى الدول المضيفة وفي مقدمتها الاردن، مما يتطلب تكثيف الاتصالات السياسية والدبلوماسية لتغطية الانفاق العالي على اللاجئين السوريين من خلال ارقام دقيقة تتحملها البنية التحتية والمالية العامةلا بد من تعويضها على نحو عاجل ! .
( العرب اليوم )
