الانتخابات الليبيّة

ليبيا هي الفائزة في الانتخابات العامّة للمؤتمر الوطني التأسيسي الذي سيستمر سنة وثمانية أشهر؛ ليقوم بالمهمّة الأولى الرئيسية في وضع دستور جديد للبلاد، ثمّ يخضع لاستفتاء عام من الشعب الليبي يهيئ لمرحلة جديدة وانتخابات برلمانية عامة تنتج برلماناً ليبيّاً مستقراً، وقادراً على تلبية طموح الشعب الليبي.
الإسلاميون الذين جاءوا بالمرتبة الثانية بعد التحالف الوطني برئاسة "محمود جبريل" أعلنوا أنّ الانتخابات كانت نزيهة، وجرت بطريقة صحيحة، وأقرّوا بالنتائج وهنأوا الشعب الليبي بنجاح الانتخابات أولاَ، وبضرورة التكاتف والتعاون على إنجاح التجربة الديمقراطية الوليدة، وضرورة الاحتكام إلى صناديق الاقتراع.
موقف الإسلاميين في ليبيا يعبّر عن موقف وطني سليم؛ لأنّ الهدف الأكبر هو مصلحة الوطن التي تعلو فوق كل مصلحة حزبيّة أو فئوية، والأمر الأكثر أهميّة هو ليس الإجابة على السؤال من هو الفائز ومن هو الخاسر؟ وإنّما احترام إرادة الشعب الحقيقية التي تعبّر عنها صناديق الانتخاب النزيه.
"محمود جبريل" الذي استطاع تشكيل تحالف من (40) حزباً وما يقارب مئة مؤسسة مدنية، وما يمتاز به من قدرة على تنظيم حملته الانتخابية إضافة أنّه كان أول رئيس لأول حكومة انتقالية بعد زوال القذافي، كان السبب الرئيسي والعامل الأهمّ في تحقيق الفوز، وليس جهده في الثورة؛ لأنّه كان يشغل موقع رئيس مجلس التخطيط في العهد البائد، ولم يكن على وفاق تام مع الثوار ولم يشاركهم الاحتفال بسقوط النظام، ولكنّ الشعب الليبي لم يتعرف بعد على قواه السياسية وعلى شخصياته الوطنية؛ فعمر الأحزاب لا يتجاوز الثلاثة أشهر، ولم تكتمل هياكلها وليس هناك أي تجربة سابقة بالعمل الحزبي، ولم يمارس أية تجربة انتخابية، وإنّما يخضع عامّة الشعب لحس رعوي أبوي قاتل، يحتاج إلى زمن طويل حتى يتحرر من هذه العقلية الرعوية الأبوية، لينتقل إلى عقلية العمل الوطني السياسي الديمقراطي الحر، وينتقل إلى حس المبادرة والعمل الطوعي، والانخراط في الأطر السياسية التنافسية واحترام التعددية.
الإسلاميون الذين تفرقوا عبر أحزاب متعددة مثل حزب العدالة والبناء وحزب الوطن، وحزب الأمّة، وحزب الأصالة، والجبهة والرفاه وغيرها، يحتاجون إلى لملمة صفوفهم عبر تحالف واحد يشكّل قوة حاضرة وفاعلة، ومشاركة متعاونة في المؤتمر الوطني مع القوى الأخرى؛ من أجل التوافق على دستورٍ جديد يحظى بالإجماع الليبي، ويؤسس لدولة المؤسسات من أجل إعمار ليبيا وازدهارها، التي ستكون تجربة عربية رائدة.
وعندما تفوز الحرية فنحن جميعاً فائزون، وعندما نحترم إرادة الشعب وتصبح هي مصدر شرعية الحاكم وشرعية ما يصدر عنه من قرارات، فقد تحقق الهدف ووصلت الرسالة، والإذعان لصاحب الأغلبية رسالة إلى كلّ أصحاب الأصوات المرتفعة الذين انساقوا وراء غرائزهم ورفضوا الإذعان إلى نتيجة الانتخابات عندما كان الإسلاميون هم الفائزين . ( العرب اليوم )