مصير الانتخابات !

على أحزاب المعارضة أن تحدد موقفها من المشاركة خارج إطار تحالفها مع "الاخوان" .
لم يعد خافيا على احد ان جماعة الاخوان المسلمين ذاهبة باتجاه التصعيد ومقاطعة الانتخابات النيابية ولا يبدو انها تنوي إنجاز تفاهم مرحلي من اجل تمرير الازمة ، الى حين الاتفاق على قانون انتخاب توافقي ويستدل على ذلك من الحشد "الحلفاء"الذي تحاول الجماعة كسبه واستمالته لصالح خيارها وهذا الامر يندرج على الحراكات الشبابية والشعبية وكذلك لجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة والجبهة الوطنية للاصلاح وغيرها.
وفي المقابل لا يبدو ان الحكومة متحمسة لمناقشة مخرج والوصول الى حالة توافق قد تؤدي الى تأجيل الانتخابات، لان هناك التزامات دولية جاءت على لسان جلالة الملك.
قلنا مرارا وتكرارا إن نزاهة العملية الانتخابية أهم من القانون نفسه، فلا خير في قانون انتخاب عصري يطّبق اعلى معايير العدالة المتعارف عليها دوليا إذا جرت الانتخابات في أسلوب وأجواء ليست نزيهة، ولم يكن انتقاد الغرب في امريكا او الاتحاد الاوروبي لقانون الانتخاب بحد ذاته ، بل الى اسلوب إجراء الانتخابات وهل هي مزورة ام نزيهة؟
وهذا ما يركز عليه جلالة الملك عبدالله الثاني بتأكيد نزاهة الانتخابات المقبلة، وخاصة وان القانون نقل إشراف الحكومة وأجهزتها على العملية الانتخابية، الى هيئة مستقلة مسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة وتتحمل وزر نجاح العملية او فشلها.
إن نزاهة الانتخابات المقبلة هي بحدّ ذاتها تحد كبير أمام النظام السياسي بمجمله وأصبحت استراتيجية مهمة وحساسة، ولا خيار أمام الدولة إلا بإجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة وشفافة يشهد لها القريب والبعيد.
وبكل صراحة إن النجاح في إجراء الانتخابات النزيهة سيحرج أي طرف يشكك بنزاهتها او يقاطعها ، ويشعره بأنه ارتكب خطأ فاحشا لأنه سيخسر ورقة كبيرة يمكن ان يستغلها كما هي الحال بعد كل انتخابات نيابية والتذرع بتزوير إرادة الناخبين والعودة إلى التشكيك بالتمثيل الحقيقي والمطالبة بحل المجلس المنتخب وإجراء انتخابات مبكرة.
لنتفق ان قانون الانتخاب ليس مثاليا، فهو نتاج تراكم كبير من المشاكل السياسية والاجتماعية والديمغرافية، لكن لا مصلحة لاحد بمقاطعة الانتخابات ولا مصلحة للدولة بإجراء انتخابات تقاطعها القوى السياسية، لكن ما العمل ؟
يبدو ان "الاخوان" بـتأثير الشوارع العربية هم ماضون الى التحدي، ولن يقبلوا الا بشروطهم ، وهذا منطق مرفوض وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء فايز الطراونة في جمعية الشؤون الدولية ، عندما تحدث عن ازمة "الاخوان" الداخلية ومحاولات تصديرها والاختباء وراء قانون الانتخاب.
وهذا تحليل صحيح، و"الجماعة" في النهاية يهمها "وحدتها" بقدر اكبر من اهتمامها بالمشاركة في الانتخابات، رغم ان عامل الانتخابات بحد ذاته قد يكون مفرقا وقد يكون هناك حالات استقواء ومناكفة داخل الجماعة، بالاستعانة بالحراكات او حتى الاحزاب او اطراف عشائرية اخرى.
وهنا قد تقع احزاب المعارضة في الخطأ الاستراتيجي، ولا اعتقد انها غافلة عنه ، فلا هي متفقة عقائديا مع "الاخوان" ولا هي متفقه على البرنامج الوطني ولا على الاجندة الخارجية (فلسطين وسورية) ولا هي مطمئنة الى المستقبل ، فما الذي يجمعهما ؟
والاصل ان تعي هذه الاحزاب حقيقة الموقف ولا تنجر الى المقاطعة بل عليها ان تبلور موقفها خارج اطر تحالفها مع "الاخوان" وبشكل مستقل ومبرر وان تشجع "الاخوان" على المشاركة .( العرب اليوم )