فقر وقهر ومناقرة

التعامل الأمني والسياسي مع مسيرات اليوم الجمعة الرافضة لقانون الانتخابات سينبئ عن التوجهات الحكومية للمرحلة القادمة، وفيما إذا ستجرى الانتخابات أيٌّ كان حجم المقاطعة لها.
وفي الاعتقاد، أنّ الأجهزة المعنية لن تمرر المسيرات بهدوء، وإنّما ستتعمّد الخشونة، وقد تكون مفرطة هذا اليوم، فما صدر من ردود أفعال غاضبة على القانون بعد تعديله، إلى جانب التصريحات التي جاء فيها أنّ الشعب الأردني ليس أقل من غيره وأنّ باستطاعته تحقيق مطالبه لن تمرّ دون الرد عليها، استعراضا للقوة، ومحاولة لتكسير الإرادات، وبثا لأجواء الرعب. وفي الطيّات عمل دؤوب لاستعادة زمام الأمور، وفرض إرادة الأجهزة والمؤسسات الرسمية كما كانت عليه الأحوال قبل الربيع العربي، وذلك استنادا بالادّعاء لحماية هيبة الدولة وأولوية الأمن والأمان، والأخيرة يلوح بها تهديدا لا يتوقف، بمعادلة انتهازية لتعميم الفوضى مقابل الإصلاح، وربما هناك من يفكر بمعادلة "بدك إصلاح" على غرار نموذج "بدك حرية".
مشهد الأحداث المؤسفة في جامعة مؤتة مدعاة للقلق الشديد خوفا من اعتماده أسلوبا بالمناسبات السياسية أيضا، إذ من أسهل ما يكون استخدام الملثمين لإحداث البلبلة والهلع، خصوصا إذا ما زجّ بهم مسلحين كما كان الأمر في مؤتة.
وليس مستبعدا اليوم تعمُّد الاعتداء على قيادات المسيرات من قبل ملثمين كمقدمة لاعتماد سياسة العصا الغليظة، إذ يشي الإصرار على فرض إرادة الرسمي بوجود استعداد لاستخدام شتى الوسائل للخضوع إليها. ومثل هذه السيناريوهات ستكون بمثابة الشعرة التي ستكسر أعناق الجميع، وليس ظهورهم فقط.
ما زال بالوقت متسعا للاتفاق، وليس عيبا أن تتراجع المراجع العليا، فالعناد كفر، والقهر يعود على صاحبه، وأصعبه قهر الرجال، فما البال والحال على فقر مدقع لا يحتاج معه إلى مناقرة!
(السبيل)