المقاطعة ليست حلاً

تم نشره الأحد 15 تمّوز / يوليو 2012 12:12 صباحاً
المقاطعة ليست حلاً
نبيل غيشان

التهديد بإفشال الانتخابات النيابية لغة من لا يريد الإصلاح

لم يكن مفاجئاً قرار مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين بمقاطعة الانتخابات، لكن المفاجىء حجم الموافقين على القرار ، الذي جاء بنسبة 49 بالمئة، وهي أكبر نسبة تأييد في تاريخ الجماعة .

القرار بالدرجة الأولى كان رداً على رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، الذي أوصل رسالة إلى قيادة الإخوان بالتمني عليهم المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، فجاء الرد من طرفي المعادلة الداخلية منعاً لتدخله، وخوفاً من أن يقال أن قرار المشاركة جاء بعد زيارة مشعل إلى عمان.

أيضاً، هناك عامل مهم ساعد في تصعيد الموقف، وهو أحد تجليات الأزمة الداخلية ، خاصة قرار تيار"الحمائم" باتجاه المقاطعة من اجل إحراج رفاقهم في تيار"الصقور"ودفعهم إلى صدام مع الدولة، إضافة إلى محاولة منع "الصقور" من الجلوس تحت قبة البرلمان. ولم تكن هذه هي المرة الأولى، فقد سبقها مثل هذا القرار وهذا التوجه بالحجة نفسها.

على أية حال فمن يعرف الأوضاع الداخلية والتوجهات ودهاليزها داخل الجماعة يجزم بأن سبب المقاطعة ليس قانون الانتخاب، وحتى لو عدلت الدولة القانون، فالمسألة تجاوزت القانون وتتركز على عملية الإصلاح ومطالب الإخوان منها، وبالتحديد التعديلات الدستورية وما بعدها.

وأسهل الحلول وأقلها كلفة داخلية هي إقرار مقاطعة الانتخابات أو أية عملية سياسية، فهذا قرار يجمع "الإخوان" ولا يفرّقهم، وفي اللحظات الصعبة فإن وحدة الجماعة تكون اهم من أي قرار بالمشاركة أو المقاطعة .

التصعيد الذي بدأه "الإخوان" في ساحة الجامع الحسيني يوم "جمعة الرفض" لم يكن بالزخم المطلوب، بل جاء يوماً شبه اعتيادي وخالف توقعات الصحافيين الذين نزلوا إلى وسط البلد بالعشرات لمشاهدة عرض التحدي، لكنهم لم يجدوه، بل وجدوا بعضاً من الشباب يتم تشجيعهم على هتافات غير مجدية وتضر أكثر مما تنفع.

في وسط البلد، الارتكاز كان على حناجر الشباب وما يمكن أن تنجزه من "مناكفة" للدولة وأجهزتها وحتى للأردنيين عامة. فالتهديد بالثورة وملاقاة مصير فلان وعلان ليست هي لغة "الإخوان"، بل هم يستنكرونها ، لكنهم يَطربون على سماعها ويودون من خلالها إرسال رسائل إلى الآخرين.

وهنا المشكلة، هل وجود الحوار بين الدولة والأطراف السياسية في الشارع عملية غير منتجة ولا يمكن أن تفضي إلى نتيجة ؟ وهل بَعْث الرسائل التهديدية من الشارع عملية آمنة؟ هل التهديد بإفشال الانتخابات النيابية هي لغة من يريد الإصلاح والحوار ؟ هل أصلاً التهديد مقبول من أي طرف ؟

نعرف أن جميع الأطراف صَعَدت إلى الشجرة ومن الصعب النزول عنها بدون مساعدة الآخرين، وهذا يحتاج إلى إنجاز عملية مرحلية توافقية يتنازل فيها الحريصون عن بعض مواقفهم أو مطالبهم إلى أن تتضح الظروف . أما إملاء الشروط وفرض الأجندات والتصرف وكأن هذا الطرف أو ذاك هو من يحدد بوصلة الإصلاح ومضمون التشريعات ، فهذا خطأ كبير.

التنظير للديمقراطية بالهروب من الواقع عملية عديمة الجدوى، لأن الديمقراطية في بلادنا ليست عملية سهلة، بل هي ميلاد عسير يتم على مراحل وبحاجة إلى حوار وتفاهمات، وتاريخ الشعوب لا شك يصنعه الواقعيون لا الحالمون. ( العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات