مخابرات عائلية ؟!

بعض الآباء للأسف الشديد يقومون بتعيين احد الأبناء كعنصر مخابرات داخل العائلة .. فمن وجهة نظرهم من غير المعقول أن يكون الأب ( غايب فيلة ) عما يجري من أحداث داخل عائلته أثناء خروجه من المنزل أو أثناء ( نومه ) !
مسألة اختيار هذا العنصر تختلف من أب لآخر فمنهم من يختار الابن صاحب ( الأذن الكبرى ) وذلك على أساس أن كبر حجم ( الأذن ) يساعد كثيرا على التقاط أي ( كلمة ) أو ( همسة ) داخل المنزل بغض النظر عن مكان جلوسه ..
لكن بعد التجربة قد يندم الأب اشد الندم على هذا الاختيار بسبب أن هذا العنصر يقوم ( برمي ) (آذانه) باتجاه المتحدث بالمقابل تكون ( عيونه ) في الاتجاه المعاكس وذلك للتمويه .. فتجده قادرا على سماع ما يقولونه لكنه عاجز عن مشاهدة الابن الأكبر وهو يدخن .. لذلك تجد أن الأب قد علم أن ابنه الأكبر ( مدخن ) عن طريق أبناء الجيران وليس عن طريق أبو ( آذان ) فتتم إحالته فورا على التقاعد !
منهم من يقع اختياره لهذا المنصب الحساس على الابن ( الهبيلة ) .. وذلك على أساس انه بعيد عن دائرة ( الشك ) ومن المستحيل اكتشافه .. لكن بعد فترة يكتشف الأب أن ( الهبل ) سلاح ذو حدين .. فعلى الرغم من أن ( الهبيلة ) يستطيع اختراق كافة الجلسات المغلقة داخل المنزل ورصد ما يحدث داخلها دون ان يثير الشكوك حوله .. إلا أن ( هبله ) في بعض الأحيان قد يتسبب في زعزعة النظام العائلي .. فمثلا قد يقتحم جلسة بين الأم واحدى الجارات تدور حول طريقة صنع ( ليزي كيك ) وبدل من ان ينسحب من ( الجلسة ) كون ( ليزي كيك ) لا يشكل خطرا على الأمن العائلي الا انه يبقى جالسا مستمتعا بهذا الحديث .. في المقابل تكون هناك جلسة مغلقة بين الابن الأوسط وابن الجيران تدور حول كيفية لف ( الحشيش ) ..
بعد ان القت أجهزة مكافحة المخدرات القبض على الابن الأوسط وكان من ضمن اعترافاته ان عمليات ( اللف ) كانت تتم داخل المنزل تم إعفاء ( الأهبل ) من منصبه وسط صيحات الندم على سوء الاختيار!
منهم أيضا من يختار الابن ( الشاطر ) .. كون هذا الابن سيتعامل مع العمل الاستخباري بطريقة علمية ممنهجة بعيدة عن الأسلوب البدائي ( القال والقيل ) ..
أي أب عادة ما يهتم كثيرا بزيارة ( حماته ) للمنزل ويعلن في حينها حالة الطوارئ القصوى فيتم على الفور تكليف الابن ( الشاطر ) بتغطية تفاصيل هذه الزيارة ..
ليس لدى الأب أدنى شك بأن ( حماته ) لن ( تخلي ) ولن ( تبقي ) عليه لذلك كان ينتظر تقارير الابن ( الشاطر ) على احر من الجمر لما سيرد فيها من تجاوز للخطوط الحمراء في مهاجمة ( الأب ) ..
جاءت تقارير الابن ( الشاطر ) مخالفة لتوقعات الأب حيث ذكرت التقارير أن المباحثات الثنائية بين ( الجدة ) و ( الأم ) تناولت أسس تبادل ( المقدوس ) و ( المخلل ) في الفترة المقبلة وتوقيع مذكرة تفاهم لزيارة ام محمود .. حيث لم يتطرق الجانبان لبحث ملف ( الأب ) الشائك وتقرر ترحيله لزيارات قادمة ..
طبعا ( الأب ) لم يصدق هذا التقرير الكاذب وبعد فترة علم من مصادر اخرى أن ( حماته ) كان لديها مخطط لانتزاع الصلاحيات الدستورية من الأب واعطائها للأم وان الزيارة كانت تهدف لتحديد موعد مناسب لبدء الفترة الانتقالية ..
استدعى الاب على الفور الابن ( الشاطر ) ووجّه له تهمة الخيانة العظمى والتحالف مع العدو .. لكن الابن ( الشاطر ) نفى تلك التهم الموجهة إليه ورأى أن ما قام به هومن محبته وإخلاصه لوالده .. لأنه لو علم بما قالته ( حماته ) بالحرف الواحد لربما ( انجلط ) .. لم يقتنع الأب بحديث ابنه العلمي والمنطقي وقال له :
انت قصتك مثل قصة ( .....ي ) حط ( الملايين ) في ( الكراتين ) .. اذا قال عنهم : راحوا .. واذا اخفاهم : راح هو واياهم .. فتعال أوريك ؟!( العرب اليوم )