محاولة لم شمل المتقاعدين المدنيين!

المتقاعدون من جهاز الخدمة المدنية بموجب قانوني التقاعد المدني والضمان الاجتماعي يعانون من مشكلات كثيرة، نتيجة عدم وجود مظلة قادرة على تنظيم اوضاعهم والدفاع عن حقوقهم وتسيير سبل الاستفادة من خبراتهم المتراكمة على مدار سنين عمرهم في الوظيفة العامة، كما هو الحال مع زملائهم الاخرين من المتقاعدين العسكريين المنضوين تحت لواء الجمعية الاقتصاية والاجتماعية الخاصة بهم والتي استطاعت ان تحقق نجاحات ملموسة على صعيد تنفيذ مشاريع متعددة تستوعب القادرين على العمل منهم وتقديم خدمات متنوعة تسهم في رعاية هذه الفئة المهمة التي ادت واجبا وطنيا تستحق عليه حياة كريمة بعد الخروج من الخدمة العسكرية.
اما المتقاعدون المدنيون فقد ظلوا بلا اي هيكل تنظيمي يمكن ان يساعدهم على معالجة المعضلات التي يواجهونها في معيشتهم وندرة الفرص المتاحة امامهم في الحصول على عمل بعد التقاعد يساعدهم على تحمل نفقات اسرهم التي تعاني من رواتب متدنية جدا في معظمها واعباء ثقيلة من تكاليف تعليم الابناء، مع ان الكثير منهم يتميزون بخبرات نوعية ومؤهلات عالية لا يمكن ان تتوفر في غيرهم قد تفتح الابواب المغلقة امامهم اذا ما وجدت جهة تأخذ بأيديهم .
يبدو ان بارقة امل تلوح في هذا الاتجاه بعد اعلان الهيئة التأسيسية لجمعية المتقاعدين المدنيين عن اشهارها رسميا وفتح باب قبول طلبات الانتساب اليها بعد ان تم توزيعها على مكاتب البريد الاردني في مراكز المحافظات، بما يتيح لحوالي مئة وخمسين الف متقاعد مدني ممن سبق وان خدموا في الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية، ان يلتحقوا بجهة تنظيمية لشؤونهم طال انتظارها بعد ان ذاقوا الامرين من تجاهل حقوقهم ومطالبهم المزمنة وما تعرضوا له الى حد الظلم في اعادة هيكلة الرواتب منذ بداية العام الحالي لانهم ظلوا الاقل حظا في كل شيء منها لتبقى احوالهم دون تغيير حقيقي يوازي حجم معاناتهم من ضائقة مادية مزمنة!
تؤكد الهيئة التاسيسية لجمعية المتقاعدين المدنيين ان خلاصة تجارب الكثيرين من هؤلاء تؤكد على عدم وجود اي اهتمام بهم من قبل الجهات المعنية رغم وجود طاقة عالية يمكن الاستفادة منها في جوانب العمل الاجتماعي والتطوعي وتوفير تدريب عال ودائم محليا وخارجيا، بالاضافة الى انه بعد ملاحظات طويلة في العمل العام تبين ان استقطاب الخبراء الدوليين انما هم في الاساس كانوا من المتقاعدين المدنيين ويعملون خبراء في شركات استشارية، لان العديد من الدول تستفيد من الكوادر البشرية التي احيلت الى التقاعد باعتبار انها حصيلة تراكم خبرات ولديها تجارب عالية في مختلف المجالات.!
اوضاع المتقاعدين المدنيين في الاردن غير منظمة على الاطلاق ولا تتوفر قاعدة معلومات كافية حول اختصاصاتهم وطبيعة اعمالهم ومعاناتهم المريرية لا تقف عند حدود في كل شيء، لهذا فان هذه الجمعية المعول عليها في لم شملهم وتاسيس اطار تنظيمي فاعل لهم اسوة بغيرهم يمكن ان تعتبر خطوة جادة اذا ماوجدت الدعم اللازم من جميع الجهات ذات العلاقة ، بخاصة وانها اعلنت مسبقا ان اعضاءها لن يزاحموا الخريجين الجدد على الوظائف وفرص العمل لانهم اصحاب الحق اولا قبل غيرهم، وانما تسعى الى ترويج اصحاب الخبرات الطويلة في الداخل والخارج على اسوار الذين لايقدرون بثمن مع العمل على تحقيق مكاسب مادية للمنتسبين وتوفير العناية اللازمة لهم والمطالبة بحقوقهم العادلة ومتابعة المتطلبات والاحتياجات في القطاعين العام والخاص .. ولعل وعسى ان يتحقق ذلك اخيرا بعد معاناة مزمنة من الاهمال وانعدام التنظيم.( العرب اليوم )