هل أخفق خالد مشعل في تحقيق نتائج خلال زيارته إلى عمان؟

اختلفت الطبقة السياسية الأردنية وكتابها في تقييمهم لنتائج زيارة خالد مشعل إلى عمان ، هل هي إختراق أردني للوضع الفلسطيني ليكون لعمان دوراً مؤثراً في الوضع الداخلي الفلسطيني سواء بإتجاه المصالحة ، أو بإتجاه دفع خطوات التسوية إلى الأمام ، بعد ضغط الدبلوماسية الأردنية لعقد المفاوضات الأستكشافية الفلسطينية الأسرائيلية في عمان قبل زيارة جلالة الملك إلى واشنطن في 17 كانون ثاني الماضي ، أم أنه شكل إختراقاً فلسطينياً للمشهد السياسي الأردني بعد نجاح حركة الأخوان المسلمين في حصولها على الأغلبية البرلمانية في المغرب وتونس ومصر ونجاح مرشحها محمد مرسي لرئاسة المصرية ؟؟ .
إختلف السياسيون والمراقبون من الكتاب ، في نظرتهم وفي تقييمهم لوساطة خالد مشعل الهادئة المرنة ، ما بين حركة الإخوان المسلمين من طرف والحكومة الأردنية من طرف أخر حول موقف الأخوان المسلمين من المشاركة أو عدمها في الأنتخابات النيابية المقبلة على قاعدة القانون المعد ( صوت للدائرة المحلية وصوت للدائرة الوطنية ) ، حيث لم يفلح رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في دفع القرار " الأخواني " نحو التجاوب مع الرغبة الرسمية في المشاركة بالأنتخابات على قاعدة ما تفضلت به القوى المحافظة من تقديم قانون خلافي لا يلبي إجماع الأردنيين ، فالقانون في نظر رئيس الوزراء شكل محطة مهمة عبر القائمة الوطنية المغلقة على قاعدة التمثيل النسبي ، للوصول إلى الهدف المعلن من الأصلاحات السياسية : حكومات برلمانية حزبية ، ولكن القوى السياسية على أغلبها لا ترى فيه أنه يحقق هذا الهدف .
عدم الأرتياح " الأخواني " لدور مشعل وتصريحاته ، عبر عنها سالم الفلاحات بقوله " إن زيارة مشعل المرحب بها إلى عمان زيارة بروتوكولية ، وتصريحاته تهدف إلى تحسين العلاقات مع الدولة الأردنية ، ولكن ، ولأنه رئيس تنظيم غير أردني ، ليست وظيفته ، ولا دوره الحديث عن الوضع الأردني وأولوياته وعن الأخوان المسلمين وبرنامجهم " .
ما سمعه خالد مشعل من نقد لتصريحاته ، وسمع ما لا يرضيه ، دفعه إلى القول " إنه لا يتدخل بالحراك الأردني ، وإنه ليس وسيطاً ، وما أراد قوله هو كلمة ناصحة تستهدف الخير وإشاعته بين الأطراف ، ليس إلا " .
ومثلما أخفق خالد مشعل ، في وساطته المعلنة بين الحكومة والأخوان المسلمين ، لم تجد نصائحه المعلنة أيضاً الأستجابة المطلوبة بين طرفي الخلاف والتباين والأجتهاد داخل حركة الأخوان المسلمين نفسها ، مما دفعه لأن يقول " أنه يقف في المسافة الواحدة بين طرفي الأخوان المسلمين ، مضيفاً عن عدم إنحيازه لهذا الطرف أو ذاك " ، ولذلك أثر الرحيل محافظاً على لياقته وعدم تجاوز حدوده رداً على حسن الضيافة التي لاقاها رسمياً وشعبياً .
فشل خالد مشعل مرده عدة عوامل كما يقول قادة العمل الفلسطيني ، ومنهم مسؤول في الجبهة الديمقراطية ، ويشاركه الرأي بلال قاسم أمين سر المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية بقولهما : فاقد الشيء لا يعطيه ، فكيف يمكن لخالد مشعل أن يكون حمامة سلام ، وهو يعاني من إنقسام داخلي غير معلن في صفوف حركة حماس ، تم التعبير عنه بسلسلة من التصريحات المتشددة ، من قبل محمود الزهار ، ومن غيره ، وتم التعبير عنها أيضاً في الأنتخابات الداخلية ، والتي لم تستكمل بعد ، ولكنها أدت في الدوائر التي جرت فيها الأنتخابات الداخلية ، أدت إلى نجاح التيار العسكري الميداني المتشدد برئاسة أحمد الجعبري المتوقع في ضوء قراءة النتائج أن يصبح العضو الأقوى في المكتب السياسي لحركة حماس ، وما يمثله من خط سياسي متشدد نافذ على الأرض ومتواصل مع أطراف خارجية بدأت بتغطية إحتياجاته المالية ، بدون مرورها ، كما كان سابقاً عبر محطة خالد مشعل الدمشقية ، رغم قبوله بعامل بالتهدئة مع الأسرائيليين بوساطة مصرية ويعمل على فرضها كأمر واقع للحفاظ على سلطة الأمر الواقع في قطاع غزة .
وليس هذا وحسب كما يقول قادة الفصائل " إن الأتفاقات التي وقعها خالد مشعل ، في الدوحة والقاهرة ، بخصوص التراجع عن الأنقلاب ، وإنهاء الأنقسام ، وإستعادة الوحدة الفلسطينية ، لم يكتب لها النجاح بعد " ، وهناك عقبات جدية يتم وضعها في وجه قطار المصالحة الوطنية في قطاع غزة ، لأن من يملك القرار على الأرض في قطاع غزة ( المحرر ) ، يرفض التنازل عن ورقتين مهمتين يملكهما وهما :
- ورقة نتائج الأنتخابات التشريعية التي حصلت من خلالها حركة حماس على الأغلبية البرلمانية عام 2006 ، ولذلك يرفض الجناح المتشدد خطوات المصالحة المؤدية إلى إجراء الأنتخابات الرئاسية والتشريعية ، والتي ستفقد فيها حماس موقع الأغلبية ، ولذلك لماذا تقبل حماس إجراء إنتخابات جديدة تخشى من نتائجها ؟؟ .
- والورقة الثانية نتائج الحسم العسكري ( الأنقلاب ) الذي أعطى حركة حماس فرصة السيطرة المنفردة على قطاع غزة منذ حزيران 2007 ، وحتى يومنا هذا .
ويسأل أصحاب هذه الرؤية من الجناح المتنفذ في حركة حماس ، عن الثمن الذي ستقبضه ، بدلاً من إجراء الأنتخابات البرلمانية الجديدة وما هو الثمن الذي سنقبضه بدلاً من التنازل عن السيطرة المنفردة على قطاع غزة ؟؟ .
ويختصر القادة الفلسطينييون تقييمهم " للرأي " عن زيارة مشعل أن شخصاً قيادياً يحمل هذه الهموم كيف يمكن له مساعدة الأخرين ، وهو لا يملك القدرة على مساعدة نفسه !! .
عمران الخطيب عضو المكتب السياسي للجبهة العربية الفلسطينية يقول أن الموقف الأردني شديد الوضوح ، فهو يتعامل مع عنوان فلسطيني واحد ومع شرعية واحدة ، يمثلها الرئيس محمود عباس ، ورئيس المجلس الوطني سليم زعنون وهو قريب الصلة والفهم من الموقف المصري الذي يتعامل مع الفصائل بإعتبارهم أجزاءاً من المكون الفلسطيني ، فهم يتعاملون مع فتح وحماس والشعبية والديمقراطية وباقي الفصائل على قدم المساواة ، ولكن المعاملة تندرج تحت عنوان واحد هو منظمة التحرير وسلطتها الوطنية وحكومتها في رام الله ، ويأمل المسؤولون الأردنيون توحيد الحالة الفلسطينية في مؤسسة تمثيلية واحدة وبرنامج سياسي واحد وأدوات كفاحية واحدة متفق عليها ، وغير ذلك رهانات غير صائبة ، بدلالة أن مشعل حضر وسافر بدون ترتيب سياسي او إداري يوفر لحركة حماس علاقة بديلة أو متكافئة مع منظمة التحرير ، وهذا ما عبر عنه خالد مشعل نفسه بقوله " إن علاقتنا مع الأردن لن تكون على حساب المنظمة أو فتح أوعلى حساب أي طرف أخر " .