سفراء وسفارات بعد الربيع

كلّ الأنظمة السياسية التي سقطت نتيجة للربيع العربي كانت متّهمة بتبعيتها للغرب، وبأنّ كثيراً من قراراتها تؤخذ في سفارات الدول الكبرى، لكنّ واقع الحال يفيد بأنّ التدخّلات الأجنبية عبر السفارات والتصريحات وتلميحات المساعدات زادت بوتيرة متسارعة بعد عام ونصف العام من “الربيع”.
وعلى الرغم من أنّ علاقات السفارات بالدولة المضيفة ينبغي أن تقتصر على علاقتها مع وزارة الخارجية، والالتزام باللياقات الدبلوماسية المعروفة، يسمح السفراء لأنفسهم بالتحدث والتحاور مع القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية المختلفة، وزيارات لتجمعات سكانية، وإبداء الرأي وإتّخاذ المواقف.
ويذهب سفراء إلى أبعد من ذلك، حيث تقديم النصائح المعلنة عبر خطابات ومؤتمرات صحافية بإتّخاذ مواقف سياسية معيّنة من قبل الانظمة السياسية أو من المعارضة، فيبدو لنا السفير أو السفيرة وكأنّه أو كأنّها المندوب أو المندوبة السامية أيام الانتداب أو الاستعمار.
تصوّروا لو أنّ سفيرتنا في باريس تقف خلال احتفال سفارتنا بعيد الاستقلال الأردني في الخامس والعشرين من أيار وتعلن نصيحتها للإليسيه باتّخاذ مواقف إصلاحية بالنسبة للنظام الانتخابي الفرنسي الذي يسمح بوصول اليمين المتطرف للحكم، وتحثّه على رعاية أكثر للمهاجرين، وتنتقد ضمناً أو صراحة وجود وزراء يهود متصهينين في الحكومة الفرنسية؟!
( الدستور )