رسالة من حفيد
منذُ ساعتين من الآن ، كنت في بيتي ، ألبس بذلتي هذه ، وأتعطرُ ، استعداداً للحضور هنا ، والوقوف بينكم ، ولم أنسَ شيئاً من أناقتي ، في ذات اللحظةِ ، كان حفيدي أمير ينظر إليّ مستغرباً ، ومتسائلاً بينهُ وبين نفسه.. لمن كلُّ هذه الأناقةِ يا جدو ؟؟، وعندما أنهيت زينتي كما تُنهي زينتَهُن النساءُ ، نعم كنت مثلَكم حريصاً على أن أبدو أنيقاً بينكم ، ومعكم ، قال حفيدي : إلى أين أنت ذاهبٌ يا جدو ؟ قلت رافعاً رأسي مزهواً بأناقتي ، أنا ذاهبٌ إلى مؤتمر من أجل القدس ،الى تظاهرة من اجل القدس، ضحك الحفيد ضِحكاً كالبكاء ، وقال بألم يختصر سنوات قهرنا..وعجزنا ، حتى أنت يا جدو ؟؟ فقلت مستغرباً أو متغابياً حتى أنا ماذا يا أمير ؟ قال بلهجة الاتهام ، حتى أنت يا جدو تلعبُ لعبةَ الكبار ، وأصحابِ القراراتِ ، الذين ضاعت القدسُ بأناقتهم ، لقد اهتموا بأناقتهم ، وأناقة كلماتهم الرنانةِ أكثرَ من اهتمامهم بالقدس ، لقد حرصوا على أن يظهروا أمام الكاميرات بكامل أناقتهم ، وكاملِ عجزهم ، فلماذا إذن طلبتم منا أن نحفظ القصائدَ من أجلها ، وخاصة
هـــــــــاتِ صلاح الــــدينْ ثانيــــــةً فينــــــا
جـــــــدّد لنا حطيــــــــــنْ أو شبــه حطينـــا
لماذا يا جدو ؟؟ قل لي بربك لماذا؟؟ ، ودسّ في جيبي ورقة صغيرة ، وغادر الغرفة رافضاً أناقتي .
لم استطع أن أواجه صدقه ، ومع ذلك فقد بقيت محافظاً على أناقتي مثلكم ، وجئت إليكم لأطالبكم بأن نرسل رسالة اعتذار إلى القدس لأننا خذلناها ،أن نرسل رسالة اعتذار إلى كل أحفادنا لأننا لم نكن بحجم حلمهم ،أن نرسل رسالة اعتذار إلى كل الأمهات لأننا أبناء عاقين ، أن نرسل رسالة اعتذار إلى الشهداء لأننا لم نصُن دماءهم .
والآن سوف أقرأ عليكم رسالة حفيدي أمير:
جدو......باسمي ، واسم كل الأحفاد ..ارفعوا راية الجهاد أو اصمتوا ، اصمتوا قليلاً من أجلنا إننا نريد أن نفكر نحن الأطفال بهدوء كيف سوف نعيد القدس ، جدو.. امنحونا صمتكم ، أرجوك يا جدو.