الوصول إلى وسط دمشق وحلب!

منذ زمن لم تغضب العاصمة الأموية غضبها الوطني. ويبدو أن انتفاضة الحرية والكرامة وصلت إلى وسطها هذه المرة. فنحن نعرف الغوطة المحيطة بالمدينة التاريخية، إنها ريف دمشق وغابات المشمش والجوز والتفاح السكري ثم نكتشف الآن أن دوما وداريّا والقدم وعشرات القرى صارت وسط العاصمة التي يتجاوز سكانها الآن الخمسة ملايين!!.
- هل تأخرت دمشق وحلب؟ ولماذا تأخرتا؟!.
- ونحن هنا نعرف أن العاصمتين أصبحتا تجمعاً اقتصادياً في ظل حكم العسكر. وكان تجار المدينتين مع الوحدة وعبدالناصر رغم «اشتراكية» الرجل، ذلك أن همَّ التجار الأساسي هو الخلاص من عسكر الجيش السوري وإنقلاباتهم الكثيرة.
- وفي عام 1970 وقف تجار دمشق مع الحركة التصحيحية وانقلاب الرئيس الأسد على رفاقه الأتاسي وزعيّن وماخوس وصلاح جديد، والسبب أن التجار في العاصمتين كانوا يعتبرونهم مجموعات مراهقة سياسياً ومعادية للاستقرار، وخطراً مباشراً على الطبقة الوسطى، قائدة التجارة والزراعة والصناعة النشطة في سوريا. وكانت تهمة كل ناجح في عالم المال والصناعة والتجارة بأنه «برجوازي» وفي عالم الزراعة بأنه اقطاعي!.
المدينتان العاصمتان لم تكونا مطمئنتين لحركات ترفع شعارات الديمقراطية والحرية والكرامة، لكنها حركات مجهولة، رغم المعرفة بالإخوان المسلمين.. وهم أيضاً ليسوا في صف تحالف التجار والبروجوازية الصغيرة!!.
لذلك بقي الرهان على «قوة النظام»، وإذا كانت قوة قمعية، فالقمع لم يصل إلى سوق الحميدية ولا إلى المصانع الصغيرة الكثيرة.. رغم أزمات الطاقة وسوريا تحت ضغوط حصار دولي خانق!!.
ويبدو، الآن، أن قوة النظام صار مشكوكاً فيها، وأن مجرد صمود الثوار سبعة عشر شهراً، وتوسع دائرة نشاطاتهم، وكسبهم للتأييد العربي والدولي، إنما هو مثار تحسب.. فإذا ثار الميدان، وهو قلب دمشق التقليدي، أصبحت الثورة أقرب إليهم من نظام منهار!!.
وصرنا نشهد اضرابات أسواق دمشق وحلب، وانتقل الصراع المسلح إلى الجامعة في عاصمة الشمال، وإلى وسط ومداخل دمشق. وإذا صحّت استراتيجية الجيش السوري الحر بنقل الثقل العسكري من ريف دمشق إلى وسطها، فإننا نتوقع انتقال رأس السلطة إلى اللاذقية.. ففيها قصور للرئاسة، وقيادات مهمة للجيش.. وفيها فرع البنك المركزي السوري الأول!!.
هدف ايقاظ الصراع الطائفي الذي يمكن أن يصل إلى الحرب الأهلية هو: إقامة دولة في جبال العلويين يمكن أن تكون شبيهة بالشمال الكردي في العراق!!. ( الرأي )