حقيقة أم اتهام لبرنامج التحول الاقتصادي ؟

حظي برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي الذي تم تنفيذه بين عامي 2001م وحتى 2005م باكبر قدر من اللغط والشكوك التي ما زالت تدور حوله حتى الان قياسا على اي برنامج او مشروع تنموي اردني اخر، مما ادى الى ان تتوه الحقائق بين كومة من الاتهامات التي طالت كل شيء فيه، من دون التوصل الى تقارير نهائية يمكن عرضها على الرأي العام لانهاء الغموض الذي يلفه، وتحديد آليات عمله وما حققه من نجاحات اذا ما كانت موجودة او عقبات واخفاقات اعترضت طريقه، لتوصله الى هذه الحال المزمنة التي تتصدر احاديث المجالس واعتراضات الحراك الشعبي ! .
يرى بعضهم البعض ان ديوان المحاسبة ربما يكون قد "تأبط شرا" باخذه على عاتقه مسؤولية اعداد تقرير مفصل حول برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي بعد حوالي سبع سنوات من انتهائه حيث اعلن انه يستعد لانجازه قريبا رغم اتلاف جزء كبير من وثائقه بعد مضي الفترة القانونية الخاصة بتوثيق وثائق الدولة او لاسباب اخرى غير معروفة، وهذا ما قد يحول دون تبيان الحقائق جميعها لتظل معظم التساؤلات معلقة من دون اجابات، او على الاقل لا تتوفر الحيثيات اللازمة لكشف الملابسات كافة لتبقى الدائرة تحوم بين الشك واليقين ! .
يظل من اهم ما يفترض ان يتضمنه تقرير ديوان المحاسبة هو المبالغ التي تم انفاقها لصالح هذا البرنامج على مدار خمس سنوات، لان الارقام التي يتم تداولها تتراوح بين ثلاثمئة وخمسين مليون دينار في حدها الادنى الى سبعمئة وخمسين مليونا وهو فارق كبير يصل الى ما يفوق الضعف، وهذه مهمة محاسبية ليست مستحيلة وقد يسهل التدقيق فيها ما دامت المخصصات المرصودة هي من بنود الموازنات العامة في ذلك الحين وحتى لو كانت من المساعدات الاجنبية!
الاجابة لا بد وان تكون شافية ايضا على مدى ما تحقق من الاهداف الكبرى التي تم وضعها لبرنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي، لانها كانت على سوية عالية من الطموحات التي تستهدف الاسراع في تنفيذ الاصلاحات المالية والادارية والتعليمية والقضائية والتشريعية والسير في برامج الخصخصة واستقطاب الاستثمارات الضرورية للمشروعات التنموية والتطويرية، اضافة الى مكافحة آفتي الفقر والبطالة اللتين تنخران في البنيان الاردني منذ زمن بعيد، مع التركيز على تطوير قطاعات الصحة والمياه والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتنمية المحافظات وغير ذلك مما يندرج في اطار تعزيز الانتاجية التي تضمنتها الوثائق الرسمية ! .
تجربة التحقيق في قضايا برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي ليست جديدة فقد باشر فيها مجلس النواب السابق عبر لجانه المتخصصة لفترة طويلة لكن كل شيء توقف فجأة قبل التوصل الى نتائج حاسمة، كما حاول مجلس النواب الحالي وحتى هيئة مكافحة الفساد المضي من جديد في هذا الاتجاه الا ان الامر ظل يراوح مكانه بلا اي تقدم يذكر، الان يأتي دور ديوان المحاسبة لفك رموز هذه المعادلة العصية على كل من يقترب منها .. فهل ينجح فيما فشل فيه غيره هذا ما هو مرهون بتقريره القادم وطبيعة الحقائق التي يتم التوصل اليها اذا ما تم الكشف عنها ولم تبق حبيسة الاسرار ! .( العرب اليوم )