الاستحقاق السوري

المشهد السوري معقد، واندفاعته نحو النهاية كانت محكومة دائما بكابح روسي ذي إصرار، وبتأن غربي حذر وانتهازي إلى ابعد حد.
هذه المعادلة فرضت على الأردن اتخاذ مواقف اقرب إلى الحياد القلق والخانق، لكنها مع ذلك بقيت على استعداد للعمل بطوع أمر المحور السعودي– الغربي، بشرط نضوج مقاربة "حتمية سقوط النظام".
في الآونة الأخيرة، وافق الأردن على إقامة مخيمات للاجئين بعد تردد دام أكثر من سنة، وها هو الطراونة يصرح أن الحوار لم يعد ممكنا في سوريا، وكأنه يشير إلى نهاية الحل السياسي الذي طالما تمسكت به الدبلوماسية الأردنية.
أنا باعتقادي أن التصعيد المحسوب من الأردن تجاه النظام السياسي هو تصعيد بطيء، لن تكون له كلف عالية في هذا التوقيت بالذات.
وسبب تلاشي فكرة الكلفة العالية يعود إلى أن النظام السوري لم يعد مسيطرا كما في بداية الأزمة، لذلك لن تكون من اولوياته التصعيد مع الأردن، فالنار بلغت وسط دمشق والانشقاقات تجعله يستدير بكل امكاناته نحو معركته الداخلية.
لا يمكن للأردن أن يبقى بعيدا عن مرمى نيران الحدث السوري، كما انه لا يملك قدرة التأثير الحاسم في صيرورة المشهد السوري أو في مآلاته.
من هنا سيكون الموقف الأردني تابعاً بامتياز، ومتريثاً بوتيرة أسرع مما كانت عليه سابقا، ولعل القلق الأردني الذي يساور صانع القرار لم يعد له مكان، فالجار الشمالي على وشك تشكلٍ جديد يحتاج إلى فعل أكثر من مراوحة.
ليس من مصلحة الأردن المساهمة بالعبث في هوية حكام سوريا الجدد، فما يعني الأردن في هذه اللحظة هو عدم دخول "سوريا بعد بشار" بفوضى عارمة، أو حرب أهلية تتطاير شررها إلى ديارنا.
روسيا تماطل وتحاول كسب الوقت حتى يكتمل أسطولها على المتوسط، والغرب يدرك ذلك وقد يدفعه الأمر إلى مزيد من التسريع في إقفال النهاية على المشهد السوري.
رغم ذلك قد يفاجئنا الداخل السوري بانهيارات سريعة ومكثفة للنظام، عندها باعتقادي سيكون لمدى الألفة والتفاهم بيم الجيش الحر وجماعة الإخوان السورية دور في تحديد معالم "الما بعد" أكثر مما يظن البعض.
في النهاية سيندفع مزيد من اللاجئين باتجاهنا، وسنعاني في المرحلة الانتقالية، ولكن هذا شر لابد منه، والحكمة أن نكون اقرب إلى الثورة التي ستنتصر، وإلى الشعب الذي سيحكم.( السبيل )