حكومة الثعلب وأسنان الفأر

الجهات الرسمية من كافة مواقعها تحذر من مغبة استمرار حالة الشد السياسية، وتدعو إلى ضرورة التفاهم والحوار، وتنبه إلى مخاطر الأوضاع الإقليمية وانعكاساتها المحتملة. ولا يختلف الأمر عند قوى المعارضة، إذ تحذر أيضا من استمرار حالة الانقسام والخلاف وعدم التوصل إلى تفاهم حول ملف الإصلاح السياسي، وطغيان الانقسام المجتمعي؛ جراء عمليات التجاذب والاستقطاب والتحريض الرسمية، وهي تدعو إلى ضرورة حماية النسيج الوطني من التفتت، وتعزيز الوحدة الوطنية، وعدم المس بها، وغير ذلك مما يهدد الاستقرار والأمن.
الأجهزة الأمنية تعلن حرصها على القيام بدورها، بعيدا عن الانحياز، وأنها ملتزمة بالواجبات الموكلة إليها لتأمين حماية المواطنين دون تمييز، بطبيعة الحال فإنه ليس لجهاز المخابرات ما هو علني مما يدور سياسيا، ويخص حجم الإصلاح الممكن الوقوف عنده، وان كان الأمر معروفا ومقدرا بأنه يقود ويدير مجمل العمليات بعيدا عن الضوء.
الديوان الملكي يتربع على مساحته العالية، ويتتبع المشهد والتطورات، وتجده موجها عند مفاصل بعينها، غير أن ما يطرحه في شتى المناسبات يعد متقدما جدا بالمقارنة مع ما تجنح وتذهب إليه الحكومة، وتقف عنده بما يشبه البلادة السياسية.
هذا المشهد العام يشي زيفا بصورة غاية بالبهاء؛ إذ إن حقيقته توحي بوجود كوامن، وان المعلن مختلف عما هو في البواطن.
وحقيقة الأمر أيضا أن المواقع التي تقف عليها الأطراف متقابلة، وتوشك على الالتحام فيما بينها، صراعا وليس اتحادا.
ورغم ما في المشهد من ادعاءات، إلا أنها كلها لإخفاء أماكن ونقاط التمترس، فبعد كل الوقت بحثا عما يمكن حصاده من الربيع الأردني لا يوجد ما يطمئن الأطراف، ولا استعدادات جدية للتقدم المنشود، رغم ما يغني الجانب الرسمي عليه طربا، بما يعتبره إصلاحا تاما على عدة محاور، وان هي تمت رغما عنه، ويدرك أنها ما زالت ناقصة.
الآن الجميع عند منعطف جديد، ولا بوادر للسير بالاتجاه السليم، ولم يعد مقدرا تماما حجم المخاطر التي يقاد إليها الأردنيين غصبا، ومن كل الجهات أعلاه واحدة فقط تتحمل المسؤولية، إذ إنها التي تحل وتربط، وتدفع أدائها الناس إلى مغادرة الولاء وهجر الانتماء، ما دام حالها يشبه حال الأسد الذي أنقذه فأر، بعد أن أسره ثعلب بشبكة.( السبيل )