المعصية السياسية في رمضان

حرارة هذه الأيام مدعاة لتهدئة الأعصاب، والكف عن افتعال ما يمكن له أن يثير الأعصاب، والتخلي عن الشد والشد العكسي، وكذلك الى البحث عما يمكن له ان يهدئ الأنفس، ويخفف عنها وطأة درجات الحرارة التي هي اليوم بحدود الـ45 درجة مؤية، يكاد اثرها ان ينال من أقسى الرؤوس صلابة ضربة شمسية، ستكون الى جانب اخرى سياسية بحجم الكارثة دون أدنى ريب.
ولأن الناس مقبلة على شهر الخير والبركات والرحمة، فإن الأصل في النفوس الطيبة أن تجنح نحو المحبة والتفاهم والاعتراف بحقوق الآخرين، وأن تقول لا اله الا الله ايضا؛ إذ إن العناد كفر والإضرار بالناس لا تنفع معه الا التوبات النصوح، واشد الضرر ما يقع من الراعي على الرعية، ومن الولي على المولى عليهم.
أما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الشهر الفضيل فيكون لزاما واجبا للبدء بالنفس أولا، وبطبيعة الحال فإن الحكومة التي ينبغي لها أن تكون خلاله رشيدة أكثر ما يكون، يتمحور واجبها بتهيئة الأمور لما فيه انعطاف جدي نحو التلاقي، بدل نشر بذور الفرقة، ونحو التآخي عوضا عن العداوة، ومن اجل التفاهم وليس تغذية الخلاف، ولغايات إعادة كل المراكب إلى شط الأمان والتخلي عن سياسة الطوفان من بعدي، فالشراعات تغرقها ما دامت الدفة مقادة نحو مراكز الأعاصير التي لن ترحم عند الوصول اليها.
ولما هو صاحب البيت من آل البيت، والولاية الشرعية مقرة بلا خلاف يذكر حتى الآن عليها ، ولأنه بعهدة متبادلة مع الشعب، فإن اللازم اكثر ما يكون يتحدد بالتخفيف من حدة لهيب الفرقة؛ سعيا لإطفاء نيران غضب النفوس، وإزالة كل العوالق التي راكمتها أيام الشرود والغياب عن الرعاية، الموكلة إلى الحكومات التي قصرت أكثر مما قدمت، وكانت تزيد من حدة حرارة النفوس عليها، ومن معها أماما وخلفا.
القصة باختصار مسالة الانتخابات النيابية وقانونها الأعوج الذي يلهب النفوس غضبا، وهو الآن في عهدة الإرادة الملكية التي تأتي بالتزامن مع قدوم شهر لا ينبغي معه أي معصية مهما قل حجمها، فكيف يمكن أن يقال معها كل عام ونحن بخير، والسوء يلوح الى جانبها تماما. ( السبيل )