قراءة سريعة في مقابلة الحمارنة

عند قراءة مقابلته الصحفية في (الرأي) لم أتوقع أن يأتي الدكتور منير حمارنة ، الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني ، بما أتفق معه عليه ، كما أنه بدوره لا يتوقع من قراءة تعليقي هذا أن أتفق معه ، فنحن من مدرستين مختلفتين ، واجتهاداتنا مختلفة إن لم تكن متناقضة.
الدكتور الحمارنة اقتصادي في تخصصه العلمي وشيوعي في إيديولوجيته السياسية ، ولكنه في سلوكه العام ، كما في مقابلته موضوع البحث ، شيوعي أولاً وأخيراً ، والمعروف أن العقائدي لا يستطيع أن يكـون موضوعياًُ ، فإذا كانت الوقائع على الأرض لا تلائم العقيدة ، فلا بد من إنكار الوقائع أو إعادة تكييفها. ومع ذلك فإن من الإنصاف للدكتور الحمارنة أن نعترف بأنه إذا كان الشيوعي يستطيع أن يكون ديمقراطياً ، فإنه الاقرب إلى الديمقراطية وسعة الصدر واحترام الرأي الآخر.
لم يجد الدكتور الحمارنة في الوضع الاقتصادي سوى إيجابية واحدة هي ارتباط الدينار بالدولار ، وفيما عدا ذلك فكل السياسات والقرارات سلبية وخاطئة. وهذا موقف عدمي ولكنه مفهوم من حزب معارض للحكومة وسياساتها وأعمالها. وليس من واجبه أن يعترف لها بالإيجابيات حتى لو كان يعرفها جيدأً.
يقول الدكتور منير إن الأردن يعيش أزمة اقتصادية صعبة ومماثلة في عناصرها ومكوناتها لأزمة عام 1988/1989 ، ويقرر أن من الصعوبة الخروج منها لتزامنها مع الازمة المالية العالمية. والحقيقة أن الأزمة الراهنة مختلفة عن الأزمة السابقة ، من حيث توفر احتياطي عملة أجنبية لدى البنك المركزي ، وكون معظم المديونية محلية لا أجنبية ، وارتباطها بازمة عالمية ، أو سيطرة القطاع العام آنذاك والخاص الآن على الاقتصاد الوطني.
ويلاحظ الدكتور ان معدلات التضخم في السنوات الأخيرة كانت أعلى من معدلات النمو الاقتصادي مما أدى إلى تدني المستوى المعيشي للمواطنين ، وقد فاته أن النمو محسوب بالأسعار الثابتة أي بعد استبعاد التضخم.
في مجال الحلول يطالب الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني بإعادة النظر بالسياسات الاقتصادية ، وإلغاء ضريبة المبيعات التي توفر ثلث إيرادات الموازنة ، وفرض قيود حكومية على الاستيراد ، وزيادة معدلات ضريبة الدخل.
ليس للحزب الشيوعي الأردني اليوم تأثير كبير في الحياة السياسية والاقتصادية ، وهو يجد عوامل مشتركة للتعاون مع الذين يتعاطون أفيون الشعوب ، ولكنه يظل جزءاً بارزأً من المشهد الاجتماعي في الأردن كجزء من ملح الأرض ، وأمينه العام شخصية مرموقة تستحق الاحترام. ( الرأي )