اعتصام الأيتام في شهرالصيام

لا نفهم أسباب مهاجمة الأيتام ومجهولي النسب على الدوار الرابع فجر أمس السبت ، وجرهم الى السيارات عنوة لفض الإعتصام الأكثر سلمية والأكثر اتزانا والأكثر تحفظا ومحافظة على النظام في الأردن.
المشكلة أن مطالب هؤلاء مشروعة تماما وتستند في شرعيتها الى الدستور الأردني الذي لا يفرق بين مجهول النسب ومعلومه على الإطلاق ، ولا داعي لذكر مواد الدستور التي تصر على اننا سواء أمام القانون ولا فرق بيننا قط. وهي موضوعات يمكن حلها قانونيا اذا اعتمدنا على الدستور والقوانين، التي لا يمكن الا أن تكون اكبر من التعليمات والأنظمة المزاجية التي قد يكون اصدرها احد المسؤولين الصغار قبل عقود، وصارت مثل بلاطة كلوب ..نحرسها دون ان نعرف السبب .
المشكلة الأكبر أن لا مصلحة لأحد في ان يتعذب الأيتام ومجهولي النسب، ولا مصلحة لأحد أن يضعوا لهم ارقاما وطنية ذات علامات يمكن تمييزها، وبالتأكيد فإن من صالحنا جميعا ان يحصلوا على حقوقهم كاملة كمواطنيين عاديين لا يتحملون وزر وفاة اوليائهم أو اخطاء أبائهم وأمهاتهم.
والنسبة للأيتام ، فالإسلام هو الدين السماوي الوحيد الذي تحدث عنهم في النص القرآني وحض على رعايتهم وحمايتهم ودعمهم ، وحرّم قهرهم وتعذيبهم ، وقد قامت الأحاديث النبوية الشريفة بتأكيد هذه الأيات ورسم السياسة اليومية والممارسة العملية لطريقة التعامل معهم .... رغم ذلك فإننا الشعب الوحيد في العالم –على مايبدو- الذي يقوم بالتفريق بين الناس على اساس اليتم أو مجهولية النسب، ولو فعلوا ذلك في اوروبا وامريكا لتضرر اكثر من 35% من المواطنين هناك .
نعود الى الشعارات البسيطة التي يحملونها و يطالبون بها ، فإنها على الإطلاق لا تبرر هذا التعامل القاسي معهم ، الا اذا كان ذنبهم أن شعاراتهم منخفظة ولا ترفع السقف – كما يقولون-، بما يعني ان هناك في الدولة الأردنية من يقول لك ما معناه : أرفع سقفك واشتم ، فلن نهاجمك... وأنت في امان، واذا كنت تعتصم بمطالب عادية ..فأنت مطارد ومعرض لهراواتنا في اي لحظة.
طبعا أنا لا أحرض على الحراكات الوطنية التي أجلها واحترمها وأنا معها قلبا ومخيخا ونخاعات ، لكني أضع امامكم هذه المفارقة !! ( الدستور )