استعدادات رمضان تحت الاختبار!

تتخذ العديد من الجهات ذات العلاقة سلسلة من الاجراءات قبيل حلول شهر رمضان المبارك، تحاول ان تعطي من خلالها صورة وردية عن مدى اهتمامها الشديد بتولي مسؤوليتها الكاملة في ضبط وربط الاوضاع على نحو يجعل من هذا الموسم الروحي السنوي استمرارا لما كان قبله من دون ازمات واختناقات اضافية في كل شيء، وغلاء يتماشى مع لهيب الشمس العابر لشهري تموز واب الذي يتحسب منه الصائمون بلا اية حاجة للمزيد من السخونة في مجالات اخرى!
اما وقد حل الشهر الكريم وبدأت ايام صيامه المباركة التي تعتبر الاطول قياسا على غيرها من اوقات السنة الاخرى، فان جميع التحضيرات المتبعة التي تم اعلانها على مدار الاشهر الماضية اصبحت على محك الاختبار الواقعي، الذي سرعان ما يكشف عما اذا كانت مجرد استعراض او حبرا على ورق او على شاشات الكترونية او اصوات ومشاهد اذاعية وتلفزيونية، ام انها حقيقية وقابلة للتطبيق منذ دخول اليوم الاول وعلى مدار الشهر الرمضاني بكامله!
ما يجعل التشاؤم مسيطرا اكثر من التفاؤل في تقييم الاستعدادات الحكومية ان تجارب المواسم الماضية لم تكن مشجعة على الاطلاق، بل ان اولها وهو سيطرة على اسعار المواد الغذائية كان يتبخر فورا بلا اية حاجة الى براهين او ادلة، حتى ان التجار والمستوردين والمنتجين قاموا هذه المرة ايضا برفعها استباقيا خلال الاسبوع الاخير قبل حلول رمضان، من خلال اعتراف وزارة الصناعة والتجارة ذاتها حسب نشرتها الاسترشادية للفترة ما بين 7-13 من شهر تموز الحالي ان تسعيرة الدجاج واللحوم والبيض والخضار وغيرها قد شهدت ارتفاعات ملموسة تؤشر على تزايدها مع مر الايام القادمة!
اما على صعيد ازمة النقل والمرور المشهودة في كل موسم رمضاني فانه من المبكر الحكم على الخطة التي اعدتها هيئة تنظيم النقل البري لمواجهة التوسع المتوقع في الطلب على خدمات نقل الركاب، واكدت انها تستهدف تشديد الرقابة الميدانية على وسائط النقل العام من خلال مركز المراقبة والتحكم المزود بكاميرات رقمية حديثة ومتطورة مرتبطة عبر شبكة "الانترنت"، وذلك لان بداية الشهر الكريم قد تزامنت مع عطلة نهاية الاسبوع المعروفة بانها الاقل ازدحاما مروريا من ايامه الاخرى مع ما رافقها من موجة حرارية تخفف من حركة التنقل ايا كان نوعها!
مع ذلك كل الترحيب بشهر رمضان المبارك بعد ان هل هلاله ليضفي على الحياة العامة هالة من القدسية الايمانية التي تغمر نفوس الصائمين وهم يحيون شعائر هذه العبادة، التي فرضها المولى عز وجل لتكون اختبارا للمقدرة الانسانية على تحمل المشقة في كل ظروفها، فرمضان اولا واخيرا هو الرحمة والمغفرة والاحساس مع المحتاجين وصلة الرحم واحياء الصلوات والدعوات اناء الليل واطراف النهار، لان الصيام ليس مجرد امتناع عن المأكل والمشرب يتلوه تهافت عليه الى درجة تحوله الى ما يتنافى مع معانيه السمحة والحكمة الالهية من فريضته!
وكل رمضان وانتم بخير!( العرب اليوم )