النائب سليمات : عملية الاصلاح
المدينة نيوز - كتب النائب عبد الجليل السليمات :- منذ أن بدأ ما يسمى بالربيع العربي هبت رياحه على المملكة وأصبحت كل القوانين والأنظمة حتى الدستور الذي كُتب في الخمسينات وكان متقدماً آنذاك لأنه كتب بأيادي وطنية نظيفة ذات نظرة مستقبلية شاملة وأنطلق من مصلحة وطنية حقيقية حتى تطور العالم واختلف كل شيء وأصبحت الحاجة ُملحة لتغيير ينسجم مع المتغير الدولي والمتغير الإقليمي لكي نبقى في سفينة الزمن التي تسيير بلا توقف.
وكان آخر استحقاق دستوري هو مجلس النواب السادس عشر الذي جاء بمرحلة تتطلب رجال تشريع يملكون الجرأة والخبرة وبُعد النظر لإصدار تشريعات تحاكي المرحلة الجديدة من عُمر الدولة الأردنية. وكان الانسجام كبيراً بين قائد الوطن والبعض من أعضاء مجلس النواب والكثير من القوى السياسية الفاعلة على الساحة الأردنية، حتى أصبح الإصلاح أغنية ترددها كل مكونات المجتمع الأردني، ووقع الرهان على أن نستفيد من دروس الدول العربية التي اجتاحها التغير أم نبقى نردد أغنية الخصوصية التي يتاجر بها الكثير ممن يخافون على أن تتضرر مصالحهم من خلال التشريعات أو وصول رجال يرفعون شعار الوطن فوق كل اعتبار، وهنا بدأت المعركة بجوانبها المعلنة والخفية إلى أن أثبتت مؤسسة الفساد أنها هي الأقوى وأنها تتغلغل في مفاصل الدولة بشكل يجعلها تعرقل كل المحاولات الجادة لإيقاف نزيف الوطن الاقتصادي وإعادة المؤسسات وأموال الوطن المنهوبة. فكان قانون الانتخاب وهو التعبير الحقيقي عن النوايا الصادقة في الإصلاحات السياسية المنتظرة واتجهت كل القلوب إلى حكومة د.عون الخصاونة والذي بدأ متحمساً لتقديم قانون انتخاب عصري توافقي بين كل القوى السياسية والاجتماعية للخروج من دوائر الشك حول نزاهة الانتخابات القادمة وإفراز مجلساً قادراً على تحمل مسؤولياته في مراجعة شاملة لإنقاذ الوطن اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وامنياً، والتصدي لمخططات التهجير وتحقيق حلم إسرائيل في الوطن البديل وطمس الهوية الفلسطينية.
وفي الأسبوع الأخير لحكومة الخصاونة بدأ الحديث في أروقة مجلس الأمة أن قانون الانتخاب قد وضع من قبل خبيراً في الشؤون الأردنية اسمه طوني ولكنه مجهول النسب والجنسية، فجاء مشروع القانون وقُدم لمجلس النواب من قبل حكومة د.فايز الطراونة وكان قانوناً مختلفاً عن سابقه ومحبطاً لكل الأردنيين ومُرر في مجلس النواب بمسرحية هزلية إنتاجاً وإخراجاً، وبذلك فاز الخبير طوني الذي استحق أن نمنحه لقب الشيخ طوني لما له من صفات قيادية تؤهله الانضمام إلى كل القيادات التي أبدعت في إدارة الدولة الأردنية إلى أن باعت كل أصول الدولة ومؤسساتها وراكمت عليها عشرون مليار دولار ديوناً خارجية.
وجاءت الردود الحزبية والشعبية والاجتماعية رافضة لقانون الشيخ طوني وكان أبرز من تصدى له الشيخ حمزة، واحتدمت المعركة بين الشيخين، شيخاً يمثل الفبركة السياسية والضحك على الذقون وشيخاً مؤمناً ينطلق من عقيدة راسخة وفكراً ثابتاً مضمونه الإصلاح ووضع البلاد على طريق الخلاص من كل ويلات الماضي.
فكان جلالة الملك هو الوحيد الذي التقط رسالة صوت الوطن فأعاد القانون للحكومة بعد توشيحه بالتوقيع السامي احتراماً للمؤسسة التشريعية معتقداً أن الحكومة أدركت فداحة ما ترتكبه من أخطاء وأن جلالة الملك أول المطالبين بقانون يرقى إلى مستوى طموح الشعب بكل هيئاته ومؤسساته، إلا أن الجمل عاد وولد فأرا، والسؤال هنا هل ينتصر الشيخ طوني مرة أخرى في إخراج مسلسل شعاره أن الخصوصية باقية وأن الأردن لن يكون مشمولاً بالتغيير الإقليمي والدولي ولن يكون ضمن (الهلال المطلوب) في مواجهة (الهلال المفروض)؟ وهذا يعيني أن الإيمان والثبات على الفكر والعقيدة لم يعد كافياً للخروج من عنق الزجاجة لمواكبة الحاضر وأستشراف ربيعاً أخضراً زاهيةً ألوانه. فعلينا أن ننتظر القادم، وللحديث بقيه.