يل يوليو!!

تم نشره الإثنين 23rd تمّوز / يوليو 2012 11:50 صباحاً
يل يوليو!!
خيري منصور

لكل حدث جلل في التاريخ جيل يقترن به والجيل العربي الذي عاش ازدهار الدولتين الأموية والعباسية ليس كالجيل الذي شهد أو عاصر سقوط الدولتين.

ومن عاشوا ربيع الاندلس ليسوا بالطبع كمن عاشوا زمن ملوك الطوائف وسقوط غرناطة.

في روسيا ثمة جيل يحمل الى الابد اسم الديسمبريين نسبة الى شهر ديسمبر، وفي اسبانيا هناك جيل عام 1927، وللنكبة في فلسطين كما للنكسة اذا صدقنا هذه الاوصاف الجيل الذي شهد كلا منها اضافة الى الجيل المخضرم الذي هاجر مرّتين وشهد على هزيمتين!.

وثورة يوليو عام 1952 كانت انعطافة كبرى وحاسمة في التاريخ العربي الحديث، فهي أول جمهورية وأول تجربة تدخل الى قاموسنا السياسي مصطلحات لاول مرة، وككل الثورات في التاريخ لها ما لها وعليها ما عليها لكن الجيل الذي اقترن بها منذ ولادته بعد الحرب العالمية الثانية كان مختلفاً ليس بمعنى المفاضلة بين الاجيال، بل لأنه عاش زمناً فيه شيء من البكارة، ولهذا فهو مسكون حتى في شيخوخته بنوستالجيا مُزمنة، تثيرها وتذكي شجونها أغاني تلك المرحلة وافلامها بالابيض والاسود والثقافة التي سادت فيها.

واطلق كاتب عربي من اكثر المنحازين الى يوليو هو مطاع هندي اسم جيل القدر على احدى رواياته واذكر انه قال لي بأن هذه العبارة اخذها مباشرة من عبدالناصر اثناء لقائه به في زمن الوحدة التي لم تدم طويلا بين القاهرة ودمشق!.

جيل يوليو عانى الحروب والهزائم والانتصارات رغم ندرتها، وكانت له احلام كبرى مما ضاعف في صدمته واحباطه، ففي صيف عام 1967 كان هذا الجيل يتهيأ لقطف برتقالة من يافا ولغسل قدميه على ساحل المتوسط بلا إذن دخول أو تصريح، ثم فوجىء بأنه محروم من نابلس وجنين، أما القدس فتلك رواية اخرى.

وقد تكون اجيال ما بعد يوليو تلقحت ضد الاحلام الكبرى واصبحت اكثر واقعية، فالحلم صغر وتضاءل حتى اصبح مجرد وظيفة وشقة وسيارة، ومن يظفر بهذا الثالوث عليه ان يمشي بمحاذاة الجدران كلها ويحمل على كتفه ثالوث التمثال الهندي الذي لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم!.

جيل يوليو لم يحقق العودة لكنه احتفظ بحقه فيها، ولم ينقذ الامة من الامية لكنه حاول وكان لمجانية التعليم دور مشهود على امتداد العالم العربي.

انني اسمع الآن اناشيد يوليو واغانيها واشاهد بعض افلامها فأظن لوهلة انها حدثت في القرن الثالث قبل الميلاد كم هي بعيدة؟ وكم توارى من اصحابها وشهودها وحتى ضحاياها،بحيث اصبح من يكتبون عنها يتخيلون شيئا آخر سواها.

جيل يوليو هو الجيل المخضرم الذي عاش أفظع هزيمتين في التاريخ المعاصر. لكنه الجيل الذي حلم وغنى ولم يصدق ان النار خلفت رمادا فقط، فهو يشبه الى حد ما ذلك الشاعر العربي الذي كتب من خراسان الى الخليفة:

أرى خلل الرماد وميض جمر

 ويوشك ان يكون له ضرام! ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات