هل يسري عقد العمل الموحد ؟

اعلنت وزارة العمل قبل ايام انها تقوم باعداد نظام عقود عمل جماعية وموحدة للعاملين في القطاع الخاص، واذا ما تم تنفيذه وتطبيقه على ارض الواقع فربما يكون قادرا على انهاء حالة من الفوضى في الرواتب والاجور سائدة منذ زمن بعيد، من خلال التفرقة بين موظف وعامل واخر في ذات الشركة او المصنع او في اي مجال اخر في تحديد ما يستحقه من عائدات شهرية على الرغم من ان طبيعة العمل والمؤهلات والخبرات هي واحدة، لكنها لمزاجية في ادارة الاعمال الخاصة التي لا تحكمها اية ضوابط تعطي لكل ذي حق حقه! .
لا شك ان واقع العاملين في القطاع الخاص وما تتعرض له نسبة كبيرة منهم تقف وراء غالبية الاحتجاجات العمالية المتواصلة على مدار اكثر من عامين والتي بلغت حوالي خمسمئة اضراب واعتصام اعتبارا من مطلع العام الحالي، بزيادة نسبتها 25% بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي والتي بلغت 395 احتجاجا والامر مرشح للتصاعد مع مرور الايام اذا لم تتخذ اجراءات فاعلة لتصويب مسيرة القطاع العمالي الاردني! .
ما يتردد ان عقود العمل الموحدة الجديدة تستهدف الزام العديد من جهات القطاع الخاص على الايفاء على الاقل بالحد الادنى للاجور للعاملين لديها، الذي يبلغ مئة وتسعين دينارا والنافذ مع بداية شهر شباط الماضي بعد اكتشاف مخالفات جسيمة تدير الظهر له وتصر على اجور دون ذلك بكثير، ولعل ما تواجهه وزارة الصحة حاليا من شلل في الخدمات المقدمة للمستشفيات والمراكز الصحية من قبل شركات الخدمة هو خير دليل على هذا، بل ان التوجه قد يصل الى ابعد من ذلك من خلال تطوير عقود عمل جماعية ربما تكون شبيهة الى حد ما بنظام الخدمة المدنية، من حيث تحديد المسمى الوظيفي والراتب المستحق لموظف ما في مؤسسة خاصة وتسري شروطه على جميع العاملين فيها من دون استثناء او اي تمييز!
حسنا تفعل وزارة العمل باعلانها ان المرحلة الاولى لتوحيد العقود ستشمل المدارس الخاصة ورياض الاطفال على وجه التحديد، بعد ما تبين حجم الظلم والاجحاف الواقع على الكثير من المعلمين والمعلمات العاملين لديها، حيث ترد شكاوى وتظلمات لا حصر لها من قبل هؤلاء بان بعض اصحاب المدارس يلجأون الى اجبارهم على توقيع عقود عمل وهمية ارقامها حتى اعلى من الحد الادنى للاجور في حين يكون الراتب الحقيقي اقل من ذلك بكثير ولفترات محدودة من السنة الدراسية، في الوقت الذي تحقق فيه امثال هذه المدارس ارباحا عالية وتعمل على زيادة الرسوم والاقساط المدرسية سنة بعد اخرى.
يبدو ان خطوة وزارة العمل على توحيد عقود العمل للعاملين في القطاع الخاص وفقا لاسس عادلة ومنصفة تراعي الحقوق والواجبات ومستويات العمل الوظيفي لن تمر بسهولة، اذ من المعروف ان اصحاب العمل في العادة يقاومون اية اجراءات رسمية تحاول تنظيم شؤون قطاعاتهم، وهذا ما يلقي بمسؤولية كبيرة على الجميع في التعاون من اجل تحقيق الصالح العام الذي يستدعي تطويق الاحتقانات الاحتجاجية في ظل الحراك الشعبي لا العمل على زيادتها اشتعالا في اتون صيف لاهب! . ( العرب اليوم )