حتى لا نتحول جميعاً إلى فريسة وطرائد

العلاقة بين الحكومة والأجهزة الرسمية مع المعارضة بشكل عام، تتجه نحو مزيد من الرفض المتبادل كل للآخر، والأمر على ما هو عليه بات يدفع نحو مزيد من القلق والخوف، للتحول من المناطحة بالكلام والتصريحات إلى احتكاكات لن يعود بعدها معلوما المدى الذي قد تصل إليه.
التحذيرات من مغبة الجنوح نحو العنف؛ جراء الدفع الرسمي لفرض أحادية الرأي والقرار على الجميع، والإصرار على إخضاعهم للأمر لتقبله عنوة، تنطلق تباعا من مراجع ورموز كانوا حتى وقت قريب من أبناء النظام والحكومات والأجهزة الأمنية أيضا. ومن هؤلاء طاهر المصري وعبدالهادي المجالي واحمد عبيدات ومروان المعشر وغيرهم، وانضم إليهم أخيرا عون الخصاونة الذي أبدى مخاوفه من استمرار النظرة الأمنية الضيقة، مبينا أن الخروج منها سيؤمن نجاح الإصلاح، وتجنيب الأردن وإنقاذه مما يجري حولنا.
لا ينبغي أمام هذا الكم من المخاوف الاستمرار في العناد والفردية المفرطة وإنما التلاقي، ولا أن يعتبر الجانب الرسمي تلبية المطلوب منه تنازلا أو انكسارا؛ إذ إن الواقع المستجد تختلف معطياته واحتياجاته، وتتطلب سياسات وإدارة تنسجم وتتوافق معه، وليس صدها، وكأن الزمن متوقف هنا والعزلة تلفنا عن العالم. غير ذلك، فإن المصالح الوطنية ما عادت أمرا خاصا، ومن اجل استمرارها والنهوض بها لا بد أن تتحول إلى مسؤولية جماعية؛ حتى تتأمن للجميع وتضمن لهم الاستمرار بشراكة حقيقية وقبول متبادل، فلم يعد واردا أبدا الانحناء، ولا انتظار سماع «أمرا وطاعة سيدي» مجددا، فقد ولى ذلك الزمن، ويجب الاقرار بالجديد القادم الذي لن يمنع وصوله أي من عنجهيات الماضي.
اذا ما استمر الطرف الرسمي في السير وحده في ما يراه، او يدعوه اصلاحا فإنه لن يحقق أي هدف، وبدلا من ذلك المزيد من الاصرار على التغيير، وهو عندما عزف منفردا على اجراء التعديلات الدستورية، لم يلق سوى طلب المزيد ليكون الاجراء جوهريا، غير انه لا يريد الاعتراف بالواقع. وهو إذ يصر الآن على الذهاب منفردا مرة اخرى نحو اجراء انتخابات له وحده، فإنه هذه المرة سيواجه ما بعد مقاطعتها، وعليه أن يدرك أنها لن تكون ما اعتاد اعتباره شغبا سياسيا، او انه بالامكان تقليم المخالب. ( السبيل )