خمسة وزراء عليهم أن يرحلوا..!!
لأول مرة عبر تاريخها الطويل تتخلى وزارة التنمية الاجتماعية التي تم إنشاؤها عام 1956 عن أهم واجباتها، فلا هي قادرة على إحكام رقابتها على دور الرعاية الاجتماعية ولا هي قادرة على ضبط مطالب عدد محدود من الأيتام ومجهولي النسب والتعامل معهم بحكمة، ولا هي قادرة على مكافحة التسوّل في المجتمع بعد أن استفحل أمره، وازداد شرّه، فماذا تبقّى من دورها بعد هذا..!؟
أما الوزير فيتناقض مع نفسه بصورة ملفتة، فبينما كان مصرّاً على عناده وإدارة ظهره لأزمة الأيتام منذ ما قبل اعتصامهم الأول على الدوار الرابع "الأسير "، نراه عقب تدخّل الملك وتوجيهاته للحكومة بمعالجة قضيتهم، يصرّح بأن الوزارة ستسعى إلى تلبية ما أمكنها من مطالبهم.. وعلى النقيض كنا نقرأ البيان الناري الذي أطلقته الوزارة مهددة ومتوعدة، مانّة وغير حانّة على هؤلاء المعتصمين الأيتام، منكرة ليُتمهم، ومتنكرة لمطالبهم، مُشهّره بهم أيما تشهير، وبما قدمته لهم من مساعدات واحداً واحداً..!!!!
بعد كل هذا نتساءل: لماذا يبقى الوزير في منصبه..؟!!
ماذا ننتظر من وزير يعلن على الملأ أن وزارته عاجزة عن القيام بواجباتها، لا بل بأهم واجباتها، هل نعطيه فرصاً أخرى، أم نطالب بإسقاطه وتغييره..!!؟
قلنا أكثر من مرة إن منْ لا يملك الرؤية لا يجوز أن يحمل الحقيبة، لأن الثمن سيكون باهظاً على الوطن، ولأننا سنتحمّل عبء العجز والتراجع وما سيجرّانه من غضب وقهر وظلم وقلق..!
من الأسلم لك يا وزير التنمية الاجتماعية أن تطلب إعفاءك من منصبك اليوم قبل الغد، قبل أن تطلب إعفاء وزارتك من القيام بمهامها..!!
والأمر ذاته ينسحب على وزراء آخرين في الحكومة الحالية، ولا أريد أن أذكر سوى أمثلة منهم فقط، فندعوهم للرحيل بمحض إرادتهم على ما تسببوا من أزمات: فمن الأسلم لوزير تطوير القطاع العام أن يرحل كونه تسبّب بأزمة الهيكلة "غير العادلة " ولو تمعنّا فيها لخرجنا بنتيجة أن معظم الاحتقانات والاعتصامات والإضرابات المطالبية كانت بسبب مشروعه سيء الذكر لأنه لم يطبق بعدالة، واعتدى على الحقوق، وكانت الكلفة باهظة على موازنة الدولة، والنفوس لا تزال في أوج حنقها وغضبها واحتقانها، لا بل أستطيع أن أجزم أن تطرفاً سياسياً بدأ يظهر على السطح كنتيجة من نتائج الظلم والقهر التي خلقتها الهيكلة "الخلاّقة " للوزير المبدع، مما يجعلنا نطالب بمحاسبته وليس رحيله فقط..!!
ومن الأسلم أيضاً لوزير المياه أن يرحل شعوراً بالتقصير والعجز عن حل مشكلة انقطاع المياه عن طيبة الكرك ومناطق كثيرة أخرى في المملكة.. وكان الأجدر به أن يبادر إلى وضع الحلول قبل أن يتدخل رأس الدولة.. لكنه لم يفعل ما يدل على التقصير في القيام بمهام مسؤولياته..!!
ومن الأسلم لوزير التربية والتعليم أن يرحل أيضاً بسبب إهماله لقضية العاملات في مراكز محو الأمية من معلمات وآذنات، فما زال حتى هذه اللحظة صامتاً على انتهاك وزارته لحقوق هؤلاء العاملات سواء ما يتعلق بالأجر المخزي الذي يتقاضينه والذي لا يقبل به ضمير إنسان حي، أو بحقوقهن الأخرى في التأمين الصحي والاجتماعي والإجازات، مخالفة لكل المواثيق والتشريعات الوطنية والدولية ما يشكّل فضيحة كبرى على صعيد انتهاك حقوق الإنسان العامل..!!
ومن الأسلم لوزير الصناعة والتجارة أن يرحل أيضاً لعجزه عن حماية المستهلك الأردني وضبط الأسعار، ولصمته عن مخالفة المؤسسة الاستهلاكية المدنية التي يرأس مجلس إدارتها للقانون، عندما قررت رفع الحد الأدنى لرواتب عاملات التحميل والتنزيل اعتباراً من 1/6/2012، مخالفة بذلك قرار الحكومة المستند لقانون العمل بسريان الحد الأدنى للأجر اعتباراً من 1/2/2012..!
أزمات كبيرة تسبّب بها هؤلاء الوزراء وغيرهم ممن سأشير لهم في مقالات لاحقة ما لم يعتدلوا ويصحّحوا مساراتهم، والسبب هو الإهمال وعدم الإحاطة والتقاعس عن أداء مسؤولياتهم..!
لديّ ما أقوله عن وزراء حاليين تناقضت أفعالهم وممارساتهم مع الدستور والتشريعات، واستمروا في عنادهم وإصرارهم وكأنهم محصّنون من المساءلة وأفعالهم فوق القانون.. والنتيجة الحط من كرامة الإنسان، وإثارة النفوس، ورفع منسوب القهر لدى المواطن..!!