قيمتك

كل الناس يولدون وعقولهم بيضاء خالية من أية معلومة ثم يبدأون باكتسابها وتخزينها وتنميتها .غير أن الفارق بينهم كما الفارق بين من أحضر ورقتين من الصنف ذاته و الثمن ذاته، فكل واحدة منهما تساوي قرشاً. وكتب على الصفحة الأولى خبراً رياضياً مثلاً، أو سياسياً إلى غير ذلك، وكتب في الاخرى آية قرآنية كريمة.
 فمن يمنعه ظان يُلقي بالأولى في سلة المهملات ؟! وهو إن ألقى بالثانية في سلة المهملات فقد ارتكب كبيرة من الكبائر ! إذا لم يعد النظر إلى الورقة بذاتها ولا الاعتبار للسعر الرخيص الذي دفعه في كل واحدة من الورقتين ، بل العبرة بما كتب في كل واحدة منهما ، فالورقة الثانية اكتسبت قدسية واحتراماً وتعظيماً بقدسية القرآن واحترامه وتعظيمه، وهذا هو شأن العقول البشرية ، فهل سألت نفسك يوماً ما الذي كُتب في عقل أولادك وبناتك بل في عقلك أنت أيضاً ! هل سألت ماذا ستجد لو أتيحت لك فرصة أن تتجول في داخل عقل ولدك أو ابنتك ماذا ستجد؟!
 مدينة نظيفة وقد تقول غير ذلك، وأنت ماذا ستقول؟!
 إن قيمتك تعتمد على ما كتب بداخل عقلك وأنت وحدك الذي تحدد ذلك وتختاره ، وليت المشكلة تتوقف عند القيمة فحسب لأنك ستجد أناساً يقولون لك : أنا حُر. ولكن المشكلة أن ما كتب في عقلك سينعكس قطعاً على تصرفاتك مع الآخرين. ألا ترى أن كثيراً من الأطفال يقلدون أفلام الكرتون في حركاتهم ! وأن كثيراً من النساء يقلدن المشهورات في الإعلام. وأن كثيراً من الرجال يحاكون من يحبون ! .
 فتخيل أن تخرج جيلاً كُتب في عقله عن العظماء والشرفاء والمخترعين ، أو كتب في عقله عن الأمناء والقراء والشعراء والمبدعين أو كتب في عقله ( ما من عبد يسترعيه رعية فيموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرَم الله عليه الجنة ).
 انظر ماذا كتب في عقلك فهو .. قيمتك .( العرب اليوم )