شادي الألحان الأردني

الذهاب إلى الانتخابات دون توافق وطني على قانونها يعد عزفا منفردا على آلة بلحن نشاز، لمؤلف نوتة يبدو ملحماً أكثر منه ملحنا! والعازف طبال! والمايسترو يؤشر ايعازات بقنوة. ويبدو أيضا أن السميعة على درجة عالية من الصمم وندرة الإحساس بالأنغام والتناغم، طالما اعتادوا رقصا من طرب على مجرد سماع طقطقة الملاعق وأغطية الطناجر وسدور المناسف.
يعتبر رئيس الوزراء أن العد التنازلي لإجراء الانتخابات قد بدأ، وان المصلحة الوطنية تقتضي مشاركة الجميع كي لا يخسر الوطن؛ ما يعني إدراكا لنتائج المقاطعة دون أن يسأل عما قدمه لعدم اختيارها، أو فيما إذا أسهم بفرضها. غير انه يعتبر ما تم من تعديلات وإجراءات على الدستور ومفاصل أخرى كافيا للشكر عليها، وملبية تماما للإصلاح، ومدعاة للكف عن طلب المزيد الذي ربما يراه طمعا، دون دراية أن كل التعديلات التي ادخلت على الدستور لم تغير من آلية وشكل وطبيعة وجوهر الحكم والسلطة، فأي إصلاح هذا الذي يطالب بالتصفيق له؟
وفوق ذلك، تم الذهاب ابعد ما يكون عن التوافق حول قانون الانتخابات رغم العلم بخيار المقاطعة، إن لم يتم ترك "الصوت الواحد" جوهريا فكيف تستوي الدعوة إلى الجميع من اجل المشاركة، حتى مع ضمان أعلى درجات النزاهة، طالما اصلا لخلاف على ما هو عليه.
الإصلاح لا ينفع معه العمل بالقطعة ومتاجرة التجزئة، وزمن تكليف رئيس حكومة من دائرة شخصيات بعينها ليس نفسه الزمن الحالي، والانتقال إليه حتمي لا ريب فيه، إن لم يكن حكمة وحنكة وطواعية فعنوة تأتي من تلقاء نفسها في لحظة ما.
أكثر الإجماع الذي لا خلاف سياسيا عليه يخص الحكم الملكي كنظام، وليس هناك من عمل جدي لاستغلال هذا الإجماع بقدر ما يتم منع الأمر وحرفه ليكون الملك طرفا. والحال يلزمه تغير ملحني الدولة والعازفين مع آلاتهم، وآنذاك سيكون العزف جماعيا دون أن يحتاج المايسترو إلى مؤشر من درجة قنوة.
( السبيل )