إلى هذا الحد وصلنا؟

تم نشره الجمعة 27 تمّوز / يوليو 2012 12:35 صباحاً
إلى هذا الحد وصلنا؟
جمانة غنيمات

 أخيرا، أعلنت الحكومة عن برنامج إصلاح اقتصادي وطني طالما طالب الخبراء القلقون على مستقبل الوضع المالي والنقدي بوضعه، لتجنب مصير مالي صعب، وسيناريوهات مشابهة لما حدث إبان أزمة العام 1989.
البرنامج الوطني سيتم تطبيقه على مدى خمس سنوات. وقد تم التشاور مع صندوق النقد الدولي بخصوصه، ووضعت الحكومة محددات ستلتزم بها لإنقاذ الاقتصاد وإعادته إلى الطريق الصحيحة.
مقابل التشاور، وافق الصندوق على إقراض المملكة نحو ملياري دولار، ستساعد بالتأكيد في تخفيف حالة الاختناق المالي، وتزيد من حجم السيولة المتوفرة محليا، لكنها ستزيد قيمة المديونية في الوقت ذاته.
ليس عيبا التعاون مع الصندوق والتنسيق معه، فذلك أفضل من السياسات العشوائية والشخصية التي أمطرتنا بها الحكومات منذ العام 2004، والتخبط الكبير الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه.
التشاور مع الصندوق أفضل من العودة إلى أحضانه، رغم أن الوضع الجديد لا يختلف كثيرا عما كانت الحكومات تطبقه قبل العام 2004، وهو عام التخرج من برامج الصندوق.وزير المالية سليمان حافظ شرح العوامل التي أوصلت الاقتصاد إلى وضعه الحرج، ومنها أن الاقتصاد تأثر بالظروف والصدمات الخارجية خلال العامين الماضيين، وتحديدا ما يتعلق بعدم انتظام تدفق الغاز المصري وارتفاع أسعار النفط، وكذلك تزايد حجم الاستيراد، إضافة إلى التوتر المستمر في المنطقة وتباطؤ الدخل السياحي وتحويلات العاملين في الخارج العام 2011 وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.الوزير لم ينس ذكر نزوح آلاف اللاجئين السوريين العام الحالي، وما تطلبه ذلك من توفير خدمات الإيواء والصحة، كسبب في زيادة تفاقم الضغوطات والأعباء على الاقتصاد الأردني. ما قاله الحافظ حول أسباب الأزمة صحيح، لكنه ليس كل الحقيقة، فوضعنا الاقتصادي اليوم هو ثمار ما زرعته الحكومات، وغياب الرؤية والتخطيط، وضعف الإرادة والعمل على الإصلاح، إذ ما معنى أن تنمو الموازنة من نحو 3.1 مليار دينار لتتجاوز 6.8 مليار دينار في العام 2012، عداك عن ميزانيات المؤسسات المستقلة التي بلغت ملياري دينار؟!
الوزير أسقط من الحديث أخطاء الحكومات السابقة في إدارة الشأن المالي والنقدي، ودورها في التفاقم غير العادي في الإنفاق الحكومي، ناهيك عن الفساد، وسوء إدارة المال العام وهدره، ودليل ذلك مئات الملايين التي أنفقت بلا طائل.
وضع برنامج إصلاح وطني خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن الحكومة بحاجة إلى وضع محددات تحول دون وقف تنفيذه برحيلها وقدوم حكومة جديدة، وعليها أن تضع يدها على الجروح الحقيقية، والتشوهات الجوهرية في الاقتصاد، لا أن "تتشاطر" وتسعى إلى وضع حلول سطحية وسهلة.
المسألة الأخرى التي يجب الحرص عليها، وهي الأهم، وضع شبكة حقيقية للحماية الاجتماعية، وتحصين الفقراء والفئات محدودة الدخل؛ فعلى مدى السنوات التي خضع فيها الأردن لبرامج تصحيح اقتصادي برعاية وإدارة الصندوق الدولي كان المواطن الفقير ومحدود الدخل هو الحلقة الأضعف، وهو المتضرر الأكبر من برامج التصحيح، ما انعكس رقميا في زيادة معدلات الفقر والبطالة، وزاد الفجوة بين الفقراء والأغنياء. نعلم تماما أن روح وفحوى برامج التصحيح الاقتصادي عادة ما تتمثل في التخلص من سياسات الدعم، وهي العماد الرئيس للتصحيح من وجه نظر الحكومات والصندوق، وهذه الوصفة هي ما جلب البلاء لدول المنطقة، حينما فقد المواطن الشعور بالعدالة وتساوي الفرص.
طالما كانت وصفات الصندوق غير الشعبية سببا في إفقار الناس، خصوصا أن الحكومات لم تكن تلتزم بوعودها بتعويض المتضررين من رفع الأسعار. وطالما أقرت الحكومات أشكالا مهينة لإيصال الدعم لمن يستحقه، إذ ما نزال نذكر مبلغ 13 دينارا التي قدمت بدلا من دعم الكاز للأسرة الفقيرة لمرة واحدة فقطلاالأردن بحاجة إلى برنامج إصلاح بنكهة وطنية حقيقية، يراعي طبيعة المجتمع ومتطلباته، حتى لا تكون النتائج عكسية، وتصبح برامج التصحيح سببا للتأزيم لا الحل.
(الغد)


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات